الباشق

لـ فضيلة مسعي، ، في غير مُحدد

الباشق - فضيلة مسعي

الباشق
أيها الباشق هل ترى قوس قزح
أيهّا الباشق قدم التمر
و الثمر
و رحيق الأرنج
و الياسمين
و إكليل الغار و الرياحين
لابن دريد
و سببويه
وخليل الأزدي فقد تركوا لك إرثهم الثمين
أيّها الباشق هل تراني بين بنيان اللغة
وإنساق المعنى
هل تراني في مسام السلاحف
و الفراشات تنورا يضيء ليل الغياب
و حليبا يشخب في قهوتك عند الصباح
جبروت فيالق وجدك كبير
كبير ...
جند
وخيالة
و أباطرة يكتسحون براءة الأطفال فيّ
سكان في سهوب الفؤاد
و في عرينه يفقس بريق عينيك
مفازات
و نجاحات تمتص الشهد من ضرع الأرض
و بطون الأماني
شموس كثيرة تلفحني هذا المساء
و لكن شمسك وحدها تقضمني كما يفعل الجراد بأوراق شجر السدر
و تجرجرني وراء شعاعها
تجوس جسدي بدوّي صواعق
و تحتسي كل فجر عباب دمي
أحبك
أحبك أعلم هذا
فهل تعلم
أحبك أدرك هذا
فهل تدرك
هل تدرك و هل تعلم حزني
و ألمي
عدمي
و حتفي في بعدك...
الأمطار غزيرة في الخارج
الشبابيك تصطفق
أسناني تصطك
و البرد يشتد
سأنسج وشاحا للذكرى يقيني هذا الشتاء
لم أكن أعلم أنّ الشتاء بارد منذ كنت طفلة
لفرط لهوي بالثلج
و التبرور
و الأوراق الندية فجرا
إلا حين التقيتك
أسرج حصان الهوى
و اطوي مطايا جوارحي
أسمعني صليل أبوابها
و اغمرها بالحامض لتمسح عنها الكلس
والصدأ
و تجدها ماسا
و فيروزا
و أحجار كريمة تلتمع
أسرج حصان الهوى يا فتى
و امنح الخصب استغاثة
و لهاثه ...
الأرض تدور
تدور
و كل أربع وعشرين ساعة نلتقي في مضيق جبل طارق
أو سفينة نوح لنأخذ آخر رشفة شاي
قبل أن يتكور
و يتفتت في دمنا الريح
أسرج حصان الهوى يا فتى
قيل أن تخور الكلمات في حبر عظامنا
و ترتدي حروفنا السواد
قبل أن يتعرى المعرّي
و يسقط نصل السيف في يد المتنبي
و قبل أن تغيم العيون المشتهاة في غياب
في رحيل
و سبات ...
لماذا جئت
و لماذا إرتحلت
و لماذا تركتين وحدي أجمع كمأ الأمنيات
ألاحق الربيع الذي يغادر
و قطار العمر يخلع حذاءه بآخر محطة
فهل تراني يا عمر ى آخر محطة
و أخر طلع للنخل يهذي
و يروي أسطورة حمام
و غمام
و مشقة
أم تراني موسيقى تنفلت من وتر كمان
وعود مسواك يترشف رضاب الأيام
لماذا قدمت ؟
و لماذا رحلت ؟
و لماذا أخذت معك كل المواسم ؟
و كل النيازك
و كل ميراث الأجداد
والأحفاد
لماذا أنا
لماذا أنت
لماذا تضيق أرجاؤنا
و تضيق
و يشتد بنا البرد والزمهرير
فنستغيث
و نستغيث
و نغيب في رحم القصيدة الخديج...
© 2024 - موقع الشعر