مالَنـا كُلُّنـا جَـوٍ يـا رَسـولُ - أبو الطيب المتنبي

مالَنا كُلُّنا جَوٍ يا رَسولُ "
" أَنا أَهوى وَقَلبُكَ المَتبولُ

كُلَّما عادَ مَن بَعَثتُ إِلَيها "
" غارَ مِنّي وَخانَ فيما يَقولُ

أَفسَدَت بَينَنا الأَماناتِ عَينا "
" ها وَخانَت قُلوبَهُنَّ العُقولُ

تَشتَكي ما اشتَكَيتُ مِن أَلَمِ الشَو "
" قِ إِلَيها وَالشَوقُ حَيثُ النُحولُ

وَإِذا خامَرَ الهَوى قَلبَ صَبٍّ "
" فَعَلَيهِ لِكُلِّ عَينٍ دَليلُ

زَوِّدينا مِن حُسنِ وَجهَكِ ما دا "
" مَ فَحُسنُ الوُجوهِ حالٌ تَحولُ

وَصِلينا نَصِلكِ في هَذِهِ الدُن "
" يا فَإِنَّ المُقامَ فيها قَليلُ

مَن رَآها بِعَينِها شاقَهُ القُط "
" طانُ فيها كَما تَشوقُ الحُمولُ

إِن تَريني أَدِمتُ بَعدَ بَياضٍ "
" فَحَميدٌ مِنَ القَناةِ الذُبولُ

صَحِبَتني عَلى الفَلاةِ فَتاةٌ "
" عادَةُ اللَونِ عِندَها التَبديلُ

سَتَرَتكِ الحِجالُ عَنها وَلَكِن "
" بِكِ مِنها مِنَ اللَمى تَقبيلُ

مِثلُها أَنتِ لَوَّحَتني وَأَسقَم "
" تِ وَزادَت أَبهاكُما العُطبولُ

نَحنُ أَدرى وَقَد سَأَلنا بِنَجدٍ "
" أَقَصيرٌ طَريقُنا أَم يَطولُ

وَكَثيرٌ مِنَ السُؤالِ اِشتِياقٌ "
" وَكَثيرٌ مِن رَدِّهِ تَعليلُ

لا أَقَمنا عَلى مَكانٍ وَإِن طا "
" بَ وَلا يُمكِنُ المَكانَ الرَحيلُ

كُلَّما رَحَّبَت بِنا الرَوضُ قُلنا "
" حَلَبٌ قَصدُنا وَأَنتِ السَبيلُ

فيكِ مَرعى جِيادِنا وَالمَطايا "
" وَإِلَيها وَجيفُنا وَالذَميلُ

وَالمُسَمَّونَ بِالأَميرِ كَثيرٌ "
" وَالأَميرُ الَّذي بِها المَأمولُ

الَّذي زُلتَ عَنهُ شَرقًا وَغَربًا "
" وَنَداهُ مُقابِلي ما يَزولُ

وَمَعي أَينَما سَلَكتُ كَأَنّي "
" كُلُّ وَجهٍ لَهُ بِوَجهي كَفيلُ

وَإِذا العَذلُ في النَدا زارَ سَمعًا "
" فَفِداهُ العَذولُ وَالمَعذولُ

وَمَوالٍ تُحيِيهِمِ مِن يَدَيهِ "
" نِعَمٌ غَيرُهُم بِها مَقتولُ

فَرَسٌ سابِقٌ وَرُمحٌ طَويلٌ "
" وَدِلاصٌ زَغْفٌ وَسَيفٌ صَقيلُ

كُلَّما صَبَّحَت دِيارَ عَدُوٍّ "
" قالَ تِلكَ الغُيوثُ هَذي السُيولُ

دَهِمَتهُ تَطايِرُ الزَرَدَ المُح "
" كَمَ عَنهُ كَما يَطيرُ النَسيلُ

تَقنِصُ الخَيلَ خَيلَهُ قَنَصَ الوَح "
" شِ وَيَستَأسِرُ الخَميسَ الرَعيلُ

وَإِذا الحَربُ أَعرَضَت زَعَمَ الهَو "
" لُ لِعَينَيهِ أَنَّهُ تَهويلُ

وَإِذا صَحَّ فَالزَمانُ صَحيحٌ "
" وَإِذا اِعتَلَّ فَالزَمانُ عَليلُ

وَإِذا غابَ وَجهُهُ عَن مَكانٍ "
" فَبِهِ مِن ثَناهُ وَجهٌ جَميلُ

لَيسَ إِلاكَ يا عَلِيُّ هُمامٌ "
" سَيفُهُ دونَ عِرضِهِ مَسلولُ

كَيفَ لا يَأمَنُ العِراقُ وَمِصرٌ "
" وَسَراياكَ دونَها وَالخُيولُ

لَو تَحَرَّفتَ عَن طَريقِ الأَعادي "
" رَبَطَ السِدرُ خَيلَهُمْ وَالنَخيلُ

وَدَرى مَن أَعَزَّهُ الدَفعُ عَنهُ "
" فيهِما أَنَّهُ الحَقيرُ الذَليلُ

أَنتَ طولَ الحَياةِ لِلرومِ غازٍ "
" فَمَتى الوَعدُ أَن يَكونَ القُفولُ

وَسِوى الرومِ خَلفَ ظَهرِكَ رومٌ "
" فَعَلى أَيِّ جانِبَيكَ تَميلُ

قَعَدَ الناسُ كُلُّهُمْ عَن مَساعي "
" كَ وَقامَت بِها القَنا وَالنُصولُ

ما الَّذي عِندَهُ تُدارُ المَنايا "
" كَالَّذي عِندَهُ تُدارُ الشَمولُ

لَستُ أَرضى بِأَن تَكونَ جَوادًا "
" وَزَماني بِأَن أَراكَ بَخيلُ

نَغَّصَ البُعدُ عَنكَ قُربَ العَطايا "
" مَرتَعي مُخصِبٌ وَجِسمي هَزيلُ

إِن تَبَوَّأتُ غَيرَ دُنيايَ دارًا "
" وَأَتاني نَيلٌ فَأَنتَ المُنيلُ

مِن عَبيدي إِن عِشتَ لي أَلفُ كافو "
" رٍ وَلي مِن نَداكَ ريفٌ وَنيلُ

ما أُبالي إِذا اتَّقَتكَ الرَزايا "
" مَن دَهَتهُ حُبولُها وَالخُبولُ

© 2024 - موقع الشعر