سـوانــح

لـ كريم معتوق، ، بواسطة غادة العلوي، في غير مُحدد

سـوانــح - كريم معتوق

( 1 )
 
عرفت بأن من ماتوا
 
على وجه الندى أحياءْ
 
وأن قبيلةَ الموتى
 
تنامت دونما أسماءْ
 
كأن الفتحَ خاتمةٌ
 
على بوَّابةِ الأشياءْ
 
( 2 )
 
أقول لمن يخادعني
 
خدعت براءتي فاهنأ
 
كأنك فكرةٌ نبتتْ
 
ولم نسأل عن المنشأ
 
فكم من خادعٍ يقتاتُ
 
جهلاً ، جثةَ المبدأ
 
( 3 )
 
صبرت على مساوئنا
 
بهذي الأمةِ الثكلى
 
وكنت أظنها تحنو
 
على أحيائِها القتلى
 
وحين وثبتُ من صبري
 
لأصرخَ ، بادرتْ مهلا
 
( 4 )
 
رأيت الكونَ مسوداً
 
على أهدابِ من عشقوا
 
وإن بكاءهم فتوى
 
بها الأهدابُ تحترقُ
 
فكلُّ جرائمِ العشاقِ
 
نكرانٌ لمن وثقوا
 
( 5 )
 
ظلمتُ الروحَ لا أدري
 
بأنَّ نداءها بالآهْ
 
وأنَّ الظلم مظلمةٌ
 
به تتشابهُ الأشباهْ
 
وإن الله أيقظني
 
فقلتُ هنا ..
 
هناك الله
 
( 6 )
 
دعتني يقظةُ الإبداعِ
 
أن أغتاب أشعاري
 
وأن تتكاتف الأحقادُ
 
في صدري على ناري
 
لأكتبَ في مديح الشعبِ
 
رغم منامهِ العاري
 
( 7 )
 
سألتُ الجارَ عن معنى
 
حقوقَ الجارِ في الأمةْ
 
فقال إغاثةَ الملهوفِ
 
قال إماطةُ الغمةْ
 
وقال وقال أشياءً
 
وأغفلَ سيرةَ الهمةْ
 
( 8 )
 
رأيتُ الموتَ رؤيا العينِ
 
رؤيا تشبه الأحياءْ
 
به من هيبةِ الأحزانِ
 
صرفٌ .. لا يعيرُ الماءْ
 
وحدَّق شاخصاً ومضى
 
وقال تشابهُ الأسماءْ
 
( 9 )
 
يمرُّ الليلُ في بابي
 
مرورَ السارقِ الحافي
 
على أوراقهِ حرفي
 
يذوبُ بحزنهِ الخافي
 
وحين لمستُ جبْهَتَهُ
 
رأيتُ جميعَ أوصافي
 
( 10 )
 
لجاري نخلةٌ تبكي
 
وفي أنفاسها عبرةْ
 
تعيرُ الماءَ للقاصي
 
وتنسى الحرَّ والحرةْ
 
جلستُ بظلها يوماً
 
لأكتبَ هذه الفكرةْ
 
( 11 )
 
جدارُ الروحِ لا يدري
 
بأني أكره الجدرانْ
 
وأن الغيمةَ الحبلى
 
على سفرٍ بلا عنوانْ
 
ولو طوقتها ماتتْ
 
كما الأرواحُ في الأبدانْ
 
( 12 )
 
دنتْ من غير معرفةٍ
 
وقالت أيها المحسودْ
 
عجبتُ لمن سيحسدني
 
سوى أني عيوني سودْ
 
وقالتْ أنتَ مقتنعٌ
 
وحبلُ طماعِهم ممدودْ
 
( 13 )
 
رأيتُ فراشةً في الدارِ
 
حين رأيتها ترقى
 
مقامَ العشقِ
 
يا ويلاه
 
من حبٍّ به تشقى
 
دعتها النارُ للعرفانِ
 
فارتاحتْ بها حرْقا
 
( 14 )
 
كأن سلامَها عبثٌ
 
ودفءَ سلامها ورقُ
 
حبتها كذبةُ التاريخِ
 
أمجاداً لمن سبقوا
 
كأن الماءَ في يدها
 
وفي أنفاسها الغرقُ
 
( 15 )
 
دعي لي شبهةَ اللاَّ أمنِ
 
أستسقي سواقيهِ
 
وأستجدي الهوى حينا
 
إذا شحَّت أغانيهِ
 
عليَّ الشعرُ
 
لن أشدو
 
بحرفٍ لستُ أعنيهِ
 
( 16 )
 
بأرضي لم أجدْ نهراً
 
وفيها الحبُّ أنهارا
 
وما من غابةٍ فيها
 
وصار الناسُ أشجارا
 
زرعنا في فم الدنيا
 
مجراتٍ وأعمارا
 
( 17 )
 
عليكَ حقوقُ من ماتوا
 
عليَّ حقوقُ من رحلوا
 
أخي ، لا تجعل الدنيا
 
حصاداً فيه تنشغلُ
 
مروركَ عابرٌ فيها
 
كمن في بطنها نزلوا
 
( 18 )
 
صفي يا هدأةً في الليلِ
 
كيف الليلُ من دوني
 
عرفتكِ جثةً تختارُ موتاً
 
دون تأبينِ
 
كأني غاسلُ الموتى
 
كأن الموتَ تكويني
 
( 19 )
 
هي الأيامُ في عدلٍ
 
وفي ظلمٍ مع الإنسانْ
 
فخذْ من حكمة التاريخِ
 
خذْ من فطنةِ الميزانْ
 
هو العدلُ الذي تحياهُ
 
دوماً
 
شعرةُ ( القبانْ )
 
( 20 )
 
لمن يمتدُّ بي سفرٌ
 
الى سفرٍ بلا سفرِ
 
كأن جريرة الأوطانِ
 
أن تبقى على حذرِ
 
بلادٌ تملأُ الدنيا
 
لماذا لم تَسَعْ نظري
 
( 21 )
 
ترى هل تعرفُ الأحزانُ
 
أني من رعاياها
 
وأني في مقام الحصْرِ
 
سردٌ في بقاياها
 
وليس تعلُّقي بالآهِ
 
إلا من حكاياها
© 2024 - موقع الشعر