امتنان

لـ إيليا أبو ماضي، ، بواسطة غادة العلوي، في غير مُحدد

امتنان - إيليا أبو ماضي

ما لقلبي يلجّ في الخفقان
لا أنا عاشق و لا أنا جان

أبتغي أن أقول شيءا فيعصاني
لساني ، و السحر تحت لساني

أنا كالطائر الذي اندفق السحر
عليه فغصّ بالألحان

أو كفلك في البحر أوفى عليها
عارض بعد عارض هتّان

غلبتني عواطف الصّحب حتّى
صرت في حاجة إلى ترجمان

أين في موكب القريض لوائي
قد طواه بيانهم و طواني

أيّها المادحون خمري رويدا
منكم الخمرة التي في دناني

من أنا ؟ ما صنعت ؟ كي تعصبوا بالتاج
رأسي و أيّ شأن شأني ؟

لا افتخار لنحلة حقلا
فعادت من زهرة بالمجّاني

أنا من روضكم قطفت أزاهيري
و من بحركم غرفت جماني

إن أكن فرقدا فأنتم سمائي
أو هزارا فأنتم بستاني

أيّ بدع إن أخرج الحقل للناس
صنوف النبات في نيسان ؟

ليس لي من قصائدي غير أوزان
و ليست أصيلة أوزاني

أصدق الشعر في الحياة و فيكم
ليس غير الأظلال في ديواني

...
ما هو الشعر ؟ . إنّني ما رأيت

اثنين إلاّ وفيه يختصمان
قال قوم " وحيّ ينزّله الله

" و قوم " نفث من الشيطان "
ضلّ هذا وذا ، فما حفز الانسان

شيء للشعر كالإنسان
يعشق المرء ذاته في سواه

و يحبّ " الإنسان " في الأكوان
أنا من أجله بنيت قصوري

و فرشت الدروب بالرّيحان
أنا من أجله سكبت خموري

وشددت الأوتار في عيداني
أنا من أجله رجعت من الروضة

في راحتيّ بالألوان
و استعرت التهليل من جدول

الوادي ، و ضحك الرضى من الغدران
و من الشمس في الأئل

و الإصباح ذوب اللّجين و العقيان
و حملت الجلال من أرض ( سوريا )

إليه و السحر من لبنان )
نحن أهل الخيال أسعد خلق

الله في حالة الحرمان
كم زهدنا بثروة من نضار

قنعنا بثروة من أماني
وانطوينا موكب من ضياء

و سطعنا في غمرة من دخان
نتراءى على الصعيد صعاليك

و لكن أرواحنا في العنان
إن ظمئنا وعزّ أن نرد الماء

روانا تصوّر الغدران
و إذا غابت النجوم اهتدينا

بالرؤى ، بالرجاء ، بالإيمان
لا يعدّ الورى علينا اللّيالي

نحن قوم نعيش في الأزمان
...

ردّ عنّي الكؤوس ، يا أيّها السّاقي
فروحي نشوى بخمر المعاني

بالقوافي ( جداولا ) من وفاء
و الأغاني ( خمائلا ) من حنان

زهد الناس حين دارت عليهم
بالتي في كؤوسهم و القناني

...
أيّها اللّيل أنت أبهى من الفجر

و إن كنت أسود الطيلسان
بالوجوه الزهراء ، بالأنفس السمحاء

من يعرب و من غسّان
بملوك البيان ، بالأدب الرائع

بالمنشدين ، بالألحان
بالغواني ، فديتهنّ ، فأسمي

الشعر و الفنّ في الحياة الغواني
هذه الشمس هل رأى الناس

وجها مثلما في البهاء و اللّمعان
تتجلّى لنا على اليسر و العسر

و نمشي في نورها الفتّان
قد نسينا شعاعها و سناها

عندما أشرقت وجوه الحسان
قسّم الدهر - أنت ، يا ليل

شطر من حياتي ، و العسر شطر ثان
أنت عصر مستجمع في سويعات

ودنيا رحيبة في مكان
قد تلاقت فيك القلوب على الحبّ

تلاقي الأجفان بالأجفان
لا تقولوا دقائق و ثوان

ذاهيات فالعمر هذي الثّواني
...

أنا ما عشت سوف أذكر بالشّكر
جميل الرّفاق و الأخوان

و إذا متّ في غد فسيأتيكم
ثنائي من ظلمة الأكفان

© 2024 - موقع الشعر