أَوهِ بَديلٌ مِن قَولَتي واها - أبو الطيب المتنبي

أَوهِ بَديلٌ مِن قَولَتي واها "
" لِمَن نَأَت وَالبَديلُ ذِكراها

أَوهِ لِمَن لا أَرى مَحاسِنَها "
" وَأَصلُ واهًا وَأَوهِ مَرآها

شامِيَّةٌ طالَما خَلَوتُ بِها "
" تُبصِرُ في ناظِري مُحَيّاها

فَقَبَّلَتْ ناظِري تُغالِطُني "
" وَإِنَّما قَبَّلَت بِهِ فاها

فَلَيتَها لا تَزالُ آوِيَهُ "
" وَلَيتَهُ لا يَزالُ مَأواها

كُلُّ جَريحٍ تُرجى سَلامَتُهُ "
" إِلّا فُؤادًا دَهَتهُ عَيناها

تَبُلُّ خَدَّيَّ كُلَّما ابتَسَمَتْ "
" مِن مَطَرٍ بَرقُهُ ثَناياها

ما نَفَضَت في يَدي غَدائِرُها "
" جَعَلَتهُ في المُدامِ أَفواها

في بَلَدٍ تُضرَبُ الحِجالُ بِهِ "
" عَلى حِسانٍ وَلَسنَ أَشباها

لَقِينَنا وَالحُمولُ ساتِرَةٌ "
" وَهُنَّ دُرٌّ فَذُبنَ أَمواها

كُلُّ مَهاةٍ كَأَنَّ مُقلَتَها "
" تَقولُ إِيّاكُمُ وَإِيّاها

فيهِنَّ مَن تَقطُرُ السُيوفُ دَمًا "
" إِذا لِسانُ المُحِبِّ سَمّاها

أُحِبُّ حِمصًا إِلى خُناصِرَةٍ "
" وَكُلُّ نَفسٍ تُحِبُّ مَحياها

حَيثُ التَقى خَدُّها وَتُفّاحَ لُب "
" نانَ وَثَغري عَلى حُمَيّاها

وَصِفتُ فيها مَصيفَ بادِيَةٍ "
" شَتَوتُ بِالصَحصَحانِ مَشتاها

إِن أَعشَبَت رَوضَةٌ رَعَيناها "
" أَو ذُكِرَت حِلَّةٌ غَزَوناها

أَو عَرَضَت عانَةٌ مُقَزَّعَةٌ "
" صِدنا بِأُشرى الجِيادِ أولاها

أَو عَبَرَت هَجمَةٌ بِنا تُرِكَت "
" تَكوسُ بَينَ الشُروبِ عَقراها

وَالخَيلُ مَطرودَةٌ وَطارِدَةٌ "
" تَجُرُّ طولى القَنا وَقُصراها

يُعجِبُها قَتلُها الكُماةَ وَلا "
" يُنظِرُها الدَهرُ بَعدَ قَتلاها

وَقَد رَأَيتُ المُلوكَ قاطِبَةً "
" وَسِرتُ حَتّى رَأَيتُ مَولاها

وَمَن مَناياهُمُ بِراحَتِهِ "
" يَأمُرُها فيهِمُ وَيَنهاها

أَبا شُجاعٍ بِفارِسٍ عَضُدَ الد "
" دَولَةِ فَنّاخُسرو شَهَنشاها

أَسامِيًا لَم تَزِدهُ مَعرِفَةً "
" وَإِنَّما لَذَّةً ذَكَرناها

تَقودُ مُستَحسَنَ الكَلامِ لَنا "
" كَما تَقودُ السَحابَ عُظماها

هُوَ النَفيسُ الَّذي مَواهِبُهُ "
" أَنفَسُ أَموالِهِ وَأَسناها

لَو فَطِنَت خَيلُهُ لِنائِلِهِ "
" لَم يُرضِها أَن تَراهُ يَرضاها

لا تَجِدُ الخَمرَ في مَكارِمِهِ "
" إِذا انتَشى خَلَّةً تَلافاها

تُصاحِبُ الراحُ أَريَحِيَّتَهُ "
" فَتَسقُطُ الراحُ دونَ أَدناها

تَسُرُّ طَرباتُهُ كَرائِنَهُ "
" ثُمَّ تُزيلُ السُرورَ عُقباها

بِكُلِّ مَوهوبَةٍ مُوَلوَلَةٍ "
" قاطِعَةٍ زيرَها وَمَثناها

تَعومُ عَومَ القَذاةِ في زَبَدٍ "
" مِن جودِ كَفِّ الأَميرِ يَغشاها

تُشرِقُ تيجانُهُ بِغُرَّتِهِ "
" إِشراقَ أَلفاظِهِ بِمَعناها

دانَ لَهُ شَرقُها وَمَغرِبُها "
" وَنَفسُهُ تَستَقِلُّ دُنياها

تَجَمَّعَت في فُؤادِهِ هِمَمٌ "
" مِلءُ فُؤادِ الزَمانِ إِحداها

فَإِن أَتى حَظُّها بِأَزمِنَةٍ "
" أَوسَعَ مِن ذا الزَمانِ أَبداها

وَصارَتِ الفَيلَقانِ واحِدَةٌ "
" تَعثُرُ أَحياؤُها بِمَوتاها

وَدارَتِ النَيِّراتُ في فَلَكٍ "
" تَسجُدُ أَقمارُها لِأَبهاها

الفارِسُ المُتَّقى السِلاحُ بِهِ ال "
" مُثني عَلَيهِ الوَغى وَخَيلاها

لَو أَنكَرَت مِن حَيائِها يَدُهُ "
" في الحَربِ آثارُها عَرَفناها

وَكَيفَ تَخفى الَّتي زِيادَتُها "
" وَناقِعُ المَوتِ بَعضُ سيماها

الواسِعُ العُذرِ أَن يَتيهَ عَلى الد "
" دُنيا وَأَبنائِها وَماتاها

لَو كَفَرَ العالَمونَ نِعمَتُهُ "
" لَما عَدَت نَفسُهُ سَجاياها

كَالشَمسِ لا تَبتَغي بِما صَنَعَت "
" مَنفَعَةً عِندَهُم وَلا جاها

وَلِّ السَلاطينَ مَن تَوَلّاها "
" وَالجَأ إِلَيهِ تَكُن حُدَيّاها

وَلا تَغُرَّنَّكَ الإِمارَةُ في "
" غَيرِ أَميرٍ وَإِن بِها باهى

فَإِنَّما المَلكُ رَبُّ مَملَكَةٍ "
" قَد فَغَمَ الخافِقَينَ َرَيّاها

مُبتَسِمٌ وَالوُجوهُ عابِسَةٌ "
" سِلمُ العِدى عِندَهُ كَهَيجاها

الناسُ كَالعابِدينَ آلِهَةً "
" وَعَبدُهُ كَالمُوَحِّدُ اللهَ

© 2024 - موقع الشعر