لستِ امرأة .. إلي روح أمي .. - وفاء عبدالرزاق

لستِ امرأة .. إلي روح أمي ..
 
 
 
 
 
لستِ امرأة ..
إلي روح أمي
 
 
ألبسُ احتفالَ قميصي
وأقف بين يدي شحوب يقبلّني
أحس بنسيجٍ طري في جيوبه
ينزل مغتسلاً في محرابي
أحمل تعاويذي وأطمئنُكِ يا بكاءَ المسرّة
يا غفرانَ الوردِ وأشجار الاتجاهات
يطالعُني وجُهكِ
أخرج من عطش وجهي¡ أُخبركِ
لا أحد يعلّمُني اندفاع الماءِ
ويوحي لمعصمِ لغةٍ ظامئة ألا أندفع
لا أحدَ يصبحُ فتياً ليدرك حدودَ أسمائِك
هي الجنّة تعتلي أجملَ أثوابي
وتنمو بحليبٍ مبللٍ بكِ
فأغفو كطفل يستوحش صوتاً
لا أحدَ يُندّي أغصانَ عمري ويصفو عزيزاً
لذيذةٌ يدُكِ
ساعة تهشّم زجاجة نعاسٍ في مقلةِ نافذة
وجميلةٌ فراشةُ حضنٍ
تحط علي غصنِ غربتي
دونكِ النوافذُ
ودونك هذا الذي أغلقه حزنٌ ناضجٌ كبكائكِ
ها إني أعلنه أعواماً تبعثرني سراً علي بابٍ صديقٍ جداً لقلبكِ
وحده يستطيع العبور إلي استكانةِ جبينٍ
أيّها المعذب
يا أنت َ
يا موجعاً حدّ العافية
لابتسامتها تتحركُ الغصون
صلني بها لحظة سفركَ في خفقةٍ تختصرُ دهراً
أيّها المعذب
يا عنوانَ تساؤلاتي
عاندْ برقَ الموتِ وابقَ معي
لا تنأ كوجهها
الليلُ غابةُ رقابٍ تركضُ ورائي
تعرّي انزلاقي وتسلُكُني درباً غريباً
بالأمس مشيتُ علي رؤوسِ أصابعي
كي لا أوقظ سرورَ طيفٍ يرفضُ مغادرة عيوني
تركتُه يصغي
كان ثمة نجمةٌ في مساء
وغيمة تتوهج
تُملي محبتَها في تلعثم وجعي
كان ثمة دموعٌ رقيقةٌ تشربني
وكان الليلُ رفيقاً
وكنتِ خريراً طليقاً
أقف اليوم محبوسةً في مغارة رئتي
حيث يلزمُني
الآن¡ خبزُ أناملكِ وعتبةُ حضن
ويلذُّ لي منادمةُ الوردِ المرصّع في ثوبكِ
أيتها العافية
يتدحرج وجهُكِ علي صدري أكبرَ من وطن
وأكبرَ من سكينة
ينامُ تحت جلدي يفترشُ فضاءً لكبرياء
الآن ألتصقُ بملامحكِ
وأتوجّه لوعدٍ أقرأ في أماسية فرحاً بريئاً
أو فرحاً منفياً
وأصبغ البدء بك وأنتهي
أحتاج دمي حين أراكِ حافيةً
وأحتاج أسواري حين ينساكِ المدي في مساءٍ
مرشوشٍ
لتدوري كراقصةٍ علي بابي
يا غموضَ النكهةِ
يا من سمّيتك عُشباً ساخناً
يا
فقط أنتِ
الآن تلهو أصابعي قربَ مياهك وتنفض عقداً
وتبوح لجنوني¡
وكأُغنية لمطرٍ تنسابين علي شباب الورق
عيناك تمسكان يدي
فيجرجر الكلامُ أذيالهَ
ويسهو بدفترٍ يطفحُ في زحمة الورد
يدلّني علي صبّارة تفوح فأراني متلبسة بكِ
الآن احني حروفي لتمسح مناديلها الوهمية
وتصعدَ إليكِ بنصفِ قامتها
تجمع شهقةَ قلبي في وشم يدكِ
أشتهي اليوم أن أقف بشبّاك ذاهل
يلتمس أن يمر طيفُك في المرايا
أو تحت أهداب حلم
أراكِ جيش شموعٍ يُلغي نعاسي
ويدعُ الإيقاع يستظل بكِ
أنا لست سوي شاعرة
تتعرف علي هواءِ حروفٍ
تُدشّنْ بياضها في شراعكِ
وأنا لستُ أنتِ
أنتِ حرفان لنجم يطيران ثوباً لبلاد
وأنا أكتفي بهدوءٍ يصبغني في ضفيرة وداع
الزورق غادر ولؤلؤة ترتجي أن تربّي لحظة
الزورق غادر وعيناه ملتفتان في يدي
الزورق أعوام تعدو لقيد برد
أُمّاه لن أسمح لوجهٍ آخرَ يمرّ
© 2024 - موقع الشعر