قَد بَلَغتَ السِتينَ - ابو إسحاق الألبيري

قَد بَلَغتَ السِتينَ وَيحَكَ فَاِعلَم
أَنَّ ما بَعدَها عَلَيكَ تَلَوَّم

فَإِذا ما اِنقَضَت سِنوكَ وَوَلَّت
فَصَلَ الحاكِمُ القَضاءَ فَأَبرَم

أَنتَ مِثلُ السِجِلِّ يُنشَرُ حيناً
ثُمَّ يُطوى مِن بَعدِ ذاكَ وَيُختَم

كَيفَ يَلتَذُّ بِالحَياةِ لَبيبٌ
فَوَّقَت نَحوَهُ المَنِيَّةُ أَسهُم

لَيسَ يَدري مَتى يُفاجيهِ مِنها
صائِبٌ يَقصِفُ الظُهورَ وَيَقصِم

ما لِغُصني ذَوى وَكانَ نَضيراً
وَلِظَهري اِنحَنى وَكانَ مُقَوَّم

وَلِحَدّي نَبا وَكانَ مُبيراً
وَلِجَيشي اِنثَنى وَكانَ عَرَمرَم

وَلِدَهري أَدالَ شَرخَ شَبابي
بِمَشيَبٍ عِندَ الحِسانِ مُذَمَّم

فَأَنا اليَومَ عَن هَواهُنَّ سالٍ
وَقَديماً بِهُنَّ كُنتُ مُتَيَّم

لَو بِرَوقِ الزَمانِ يَنطَحُ يَوماً
رُكنُ ثَهلانَ هَدَّهُ فَتَهَدَّم

نَحنُ في مَنزِلِ الفَناءِ وَلَكِن
هُوَ بابٌ إِلى البَقاءِ وَسُلَّم

وَرَحى المَوتِ تَستَديرُ عَلَينا
أَبَداً تَطحَنُ الجَميعَ وَتَهشِم

وَأَنا موقِنٌ بِذاكَ عَليمٌ
وَفِعالي فِعالُ مَن لَيسَ يَعلَم

وَكَذا أَمتَطي الهُوَينا إِلى أَن
أُتَوَفّى فَعِندَ ذَلِكَ أَندَم

فَعَسى مَن لَهُ أُعَفِّرُ وَجهي
سَيَرى فاقَتي إِلَيهِ فَيَرحَم

فَشَفيعي إِلَيهِ حُسنُ ظُنوني
وَرَجائي لَهُ وَأَنّي مُسلِم

وَلَهُ الحَمدُ أَن هَداني لِهَذا
عَدَدَ القَطرِ ما الحَمامُ تَرَنَّم

وَإِلَيهِ ضَراعَتي وَاِبتِهالي
في مُعافاةِ شَيبَتي مِن جَهَنَّم

© 2024 - موقع الشعر