الهجران - محمود سامي البارودي

رُدواعَليَّ الصِّبَا من عصري الخالي
وهل يعود سَوَادُ اللِّمَّةِ البالي؟

ماضٍ من العيش ما لاحت مخايِلُهُ
في صفحة الفكر إلا هاج بَلْبَالي؟

سَلَتْ قلوبٌ ، فَقَرتْ في مضاجِعِها
بعد الحنين وقلبي ليس بالسالي

لَمْ يَدْرِ من بات مسروراً بِلَذتِهِ
أني بنار الأسى من هجره صَالي

يا غاضبين علينا ! هل إلى عِدةٍ
بالوصل يَوْمٌ أُناغي فيه إقبالي

غبتم ، فأظلم يومي بعد فُرقَتِكم
وساء صُنعُ الليالي بعد إجمالي

قد كنت أحسبُني مِنكم على ثِقَةٍ
حتى مُنِيتُ بما لم يَجْرِ في بالي

لم أجنِ في الحُبِّ ذنباً أستحق به
عَتْباً ، ولكنها تحريفُ أقوالي

ومن أطاعَ رواةَ السُّوءِ - نَفَّرَهُ
عن الصديق سماعُ القيل والقالِ

أدهى المصائب غَدْرٌ قبلهُ ثِقَةٌ
وأقبح الظُّلم صدٌّ بعد إقبالِ

© 2024 - موقع الشعر