إِذا فـاضَ دَمـعِي - عنترة بن شداد

إِذا فاضَ دَمعِي وَاستَهَلَّ عَلى خَدِّي
وَجاذَبَنِي شَوقي إِلى العَلَمِ السَّعدي

أُذَكِّرُ قَومي ظُلمَهُم لِي وَبَغيَهُم
وَقِلَّةَ إِنصافِي عَلى القُربِ وَالبُعدِ

بَنَيتُ لَهُم بِالسَّيفِ مَجداً مُشَيَّداً
فَلَمَّا تَناهَى مَجدُهُم هَدَموا مَجدي

يَعيبونَ لَونِي بِالسَّوادِ وَإِنَّما
فِعالُهُمُ بِالخُبثِ أَسوَدُ مِن جِلدي

فَوا ذُلَّ جِيرانِي إِذا غِبتُ عَنهُمُ
وَطالَ المَدَى ماذَا يُلاقونَ مِن بَعدي

أَتَحسِبُ قَيسٌ أَنَّنِي بَعدَ طَردِهِم
أَخَافُ الأَعَادِي أَو أَذِلُّ مِنَ الطَّردِ

وَكَيفَ يَحُلُّ الذُلُّ قَلبِي وَصارِمي
إِذا اهتَزَّ قَلبُ الضِّدِّ يَخفُقُ كَالرَّعدِ

مَتَى سُلَّ فِي كَفّي بِيَومِ كَريهَةٍ
فَلا فَرقَ ما بَينَ المَشايِخِ وَالمُردِ

وَما الفَخرُ إِلاَّ أَن تَكونَ عِمامَتِي
مُكَوَّرَةَ الأَطرافِ بِالصَّارِمِ الهِندي

نَديْمَيَّ إِمَّا غِبتُما بَعدَ سَكرَةٍ
فَلا تَذكُرا أَطلالَ سَلمَى وَلا هِندِ

وَلا تَذكُرا لِي غَيرَ خَيلٍ مُغيرَةٍ
وَنَقعَ غُبارٍ حالِكِ اللَّونِ مُسوَدِّ

فَإِنَّ غُبارَ الصَّافِناتِ إِذا عَلا
نَشِقتُ لَهُ ريحاً أَلَذَّ مِنَ النَدِّ

وَرَيحانَتِي رُمحِي وَكاساتُ مَجلِسي
جَماجِمُ ساداتٍ حِراصٍ عَلى المَجدِ

وَلِي مِن حُسَامي كُلَّ يَومٍ عَلى الثَّرى
نُقوشُ دَمٍ تُغنِي النَّدامَى عَنِ الوَردِ

وَلَيسَ يَعيبُ السَّيفَ إِخلاقُ غِمدِهِ
إِذا كانَ فِي يَومِ الوَغَى قاطِعَ الحَدِّ

فَلِلَّهِ دَرّي كَم غُبارٍ قَطَعتُهُ
عَلى ضَامِرِ الجَنبَينِ مُعتَدِلِ القَدِّ

وَطاعَنتُ عَنهُ الخَيلَ حَتّى تَبَدَّدَت
هِزاماً كَأَسرابِ القَطاءِ إِلى الوِردِ

فَزارَةُ قَد هَيَّجتُمُ لَيثَ غابَةٍ
وَلَم تُفرِقوا بَينَ الضَّلالَةِ وَالرُّشدِ

فَقولوا لِحِصنٍ إِن تَعانِى عَداوَتِي
يَبيتُ عَلى نارٍ مِنَ الحُزنِ وَالوَجدِ

© 2024 - موقع الشعر