أَتـانِـي طَـيفُ عَـبلَةَ فِـي الـمَنامِ - عنترة بن شداد

أَتانِي طَيفُ عَبلَةَ فِي المَنامِ
فَقَبَّلَنِي ثَلاثاً فِي اللِّثامِ

وَوَدَّعَنِي فَأَودَعَنِي لَهيباً
أُسَتِّرُهُ وَيَشعُلُ فِي عِظامي

وَلَولا أَنَّنِي أَخلو بِنَفسي
وَأُطفِئُ بِالدُّموعِ جَوَى غَرامي

لَمُتُّ أَسىً وَكَم أَشكو لأَنِّي
أَغارُ عَلَيكِ يا بَدرَ التَّمامِ

أَيا ابنَةَ مالِكٍ كَيفَ التَّسَلِّي
وَعَهدُ هَواكِ مِن عَهدِ الفِطامِ

وَكَيفَ أَرومُ مِنكِ القُربَ يَوماً
وَحَولَ خِباكِ آسادُ الأَجامِ

وَحَقِّ هَواكِ لا داوَيتُ قَلبِي
بِغَيرِ الصَّبرِ يا بِنتَ الكِرامِ

إِلى أَن أَرتَقي دَرَجَ المَعالِي
بِطَعنِ الرُّمحِ أَو ضَربِ الحُسامِ

أَنا العَبدُ الَّذي خُبِّرتِ عَنهُ
رَعَيتُ جِمالَ قَومي مِن فِطامي

أَروحُ مِنَ الصَّبَاحِ إِلى مَغيبٍ
وَأَرقُدُ بَينَ أَطنابِ الخِيامِ

أَذِلُّ لِعَبلَةٍ مِن فَرطِ وَجدي
وَأَجعَلُها مِنَ الدُّنيا اهتِمَامي

وَأَمتَثِلُ الأَوامِرَ مِن أَبِيهَا
وَقَد مَلَكَ الهَوَى مِنِّي زِمامي

رَضيتُ بِحُبِّها طَوعاً وَكَرهاً
فَهَل أَحظَى بِهَا قَبلَ الحِمامِ

وَإِن عَابَت سَوادِي فَهوَ فَخري
لأَنِّي فَارِسٌ مِن نَسلِ حَامِ

وَلِي قَلبٌ أَشَدُّ مِنَ الرَّوَاسِي
وَذِكرِي مِثلُ عَرفِ المِسكِ نَامي

وَمِن عَجَبِي أَصِيدُ الأُسدَ قَهراً
وَأَفتَرِسُ الضَّوارِي كَالهَوامِ

وَتَقنُصُنِي ظِبا السَّعدِي وَتَسطُو
عَلَيَّ مَها الشَرَبَّةِ وَالخُزامِ

لَعَمرُ أَبِيكَ لا أَسلُو هَوَاهَا
وَلَو طَحَنَت مَحَبَّتُها عِظامي

عَلَيكِ أَيا عُبَيلَةُ كُلَّ يَومٍ
سَلامٌ فِي سَلامٍ فِي سَلامِ

© 2024 - موقع الشعر