سَـلا الـقَلبَ - عنترة بن شداد

سَلا القَلبَ عَمَّا كَانَ يَهْوَى وَيَطْلُبُ
وَأَصْبَحَ لا يَشْكَو وَلا يَتَعَتَّبُ

صَحَا بَعْدَ سُكْرٍ وَانْتَخَى بَعْدَ ذِلَّةٍ
وَقَلْبُ الَّذِي يَهْوَى العُلَى يَتَقَلَّبُ

إِلَى كَمْ أُدَرِاي مَنْ تَرِيدُ مَذَلَّتِي
وَأَبْذِلُ جَهْدِي فِي رِضَاهَا وَتَغْضَبُ

عُبَيْلَةُ أَيَّامُ الجَمَالِ قَلِيلَةٌ
لَهَا دَوْلَةٌ مَعْلُومَةٌ ثُمَّ تَذْهَبُ

فَلا تَحْسَبِي أَنِّي عَلَى البُعْدِ نَادِمٌ
وَلا القَلْبُ فِي نَارِ الغَرَامِ مُعَذَّبُ

وَقَدْ قُلْتُ أَنِّي سَلَوتُ عَن الهَوَى
وَمَن كَانَ مِثْلِي لا يَقُولُ وَيَكْذِبُ

هَجَرْتُكِ فَامْضِي حَيْثُ شِئتِ وَجَرِّبِي
مِنَ النَّاسِ غَيْرِي فَاللَّبِيبُ يُجَرِّبُ

لَقَدْ ذَلَّ مَنْ أَمْسَى عَلَى رَبْعِ مَنْزِلٍ
يَنُوحُ عَلَى رَسْمِ الدِّيَارِ وَيَنْدبُ

وَقَدْ فَازَ مَنْ فِي الحَرْبِ أَصْبَحَ جَائِلاً
يُطَاعِنُ قِرْناً وَالغبَارُ مُطَنِّبُ

نَدِيمِي رَعَاكَ اللهُ قُمْ غَنِّ لِي عَلَى
كُؤُوسِ المَنَايَا مِنْ دَمٍ حِيْنَ أَشْرَبُ

وَلا تَسْقِنِي كَأْسَ المُدَامِ فَإِنَّهَا
يَضَلُّ بِهَا عَقْلُ الشُّجَاعُ وَيَذْهَبُ

© 2024 - موقع الشعر