هم العالمين - عمر بهاء الأميري

لا لَمْ أَنَمْ ، بلْ قد أَرِقْتُ و للصُّداعِ رحىً تَدورْ
 
و الغُرْبةُ اللَّيْلاءُ في عُمري أُوامٌ لا يَحورْ
 
وحدي أعدُّ دقائقي وأضيعُ في تِيه ِ الدُّهورْ
 
حَيْرانُ أفتقدُ المعالِمَ ، لا حِجابَ ولا سُفورْ
 
أَسْهو وأَصْحو والدُّجى ساجٍ وفي نفسي فُتُورْ
 
فأغيبُ عن دُنيا شعوري في ضَبابِ اللاشعورْ
 
مِنْ كلِّ فجِّ ينسلونَ كأنهُ يومُ النُّشورْ
 
كُلُّ يُسارِعُ في مُناهُ ، وإنَّها لَمُنى غَرورْ
 
أعباءَ كُلِّ الخلْقِ ! وَيْلي كِدْتُ إعياءً أَمُورْ
 
فالأَرْضُ تحملَني على مَضَضٍ وتوشكُ أن تَفورْ
 
وشَرَعْتُ أَصْحو مُثْقَلَ الأنفاسِ مَبْهورَ الشُّعورْ
 
أغْمَضْتُ عيني مرَّةً أُخرى ، ومَزَّقْتُ السُّتورْ
 
فرأيْتُ أَهْوالاً ؛ وكانَ الْحَقُّ مِنْ غَيْظٍ يَفُورْ:
 
والكَوْنُ بالغُربانِ عجَّ ، فلا صُقورَ ولا نُسورْ
 
ونظَرْتُ والأحْلاكُ تدفَعُ نظرَتي خلْفَ الْحُسورْ
 
ورأيْتُ صَرْحَ الْمَجْدِ ينتظرُ الْجَسورَ ولا جَسورْ
 
وكَأَنَّ إِنْقَاذَ الوُجُودِ عَلَيَّ مِحْوَرُه يَدورْ
 
وحدي ، تسلَّقْتُ الرياحَ الهَوْجَ ، سُوراً إِثْرَ سُورْ
 
وَتَلامَعَتْ في مُنْتَهاهُ طُيوفُ جَنَّاتٍ وَحُورْ
 
فَقَذَفْتُ نفسي ! غَيْرَ أَنِّي شِمْتُ أجْنحةَ الطُّيورْ
 
فتحتُ عيني ، والخلافةُ في رُؤى أَمَلي الغَيورْ
 
والعَهْدُ في عُنُقي ، وأمرُ اللهِ ، في عَزْمي يَثورْ
 
أغْمَضْتُ عيني مرَّةً أُخرى ، ومَزَّقْتُ السُّتورْ
 
وَمَضَيْتُ أرنُو في كتابِ الغَيْبِ ما بينَ السُّطورْ
 
فرأيْتُ أَهْوالاً ؛ وكانَ الْحَقُّ مِنْ غَيْظٍ يَفُورْ:
 
بحرٌ منَ الظُّلُماتِ ، والظُّلْمِ المؤَجَّجِ ، والشُّرورْ
 
والكَوْنُ بالغُربانِ عجَّ ، فلا صُقورَ ولا نُسورْ
 
وَأَلَمَّ بي ، أو كادَ ، يأْسٌ : فالدُّنى خَتْلٌ وَزُورْ
 
ونظَرْتُ والأحْلاكُ تدفَعُ نظرَتي خلْفَ الْحُسورْ
 
فَلَمَحْتُ في بَوْنِ الدُّجى الْمَسحوبِ مُنْبلجَ البُكورْ
 
ورأيْتُ صَرْحَ الْمَجْدِ ينتظرُ الْجَسورَ ولا جَسورْ
 
وَوَجَدْتُ هَمَّ العالَمينَ بقلبِ إيماني يَسُورْ
 
وكَأَنَّ إِنْقَاذَ الوُجُودِ عَلَيَّ مِحْوَرُه يَدورْ
 
ورأيْتُني ، وأنا.. أنا المِسْكينُ ، كالأسدِ الهَصورْ
 
وحدي ، تسلَّقْتُ الرياحَ الهَوْجَ ، سُوراً إِثْرَ سُورْ
 
وَمِنَ الذُّرى أبْصَرْتُ دَرْبَ الخُلْدِ رَشَّتْهُ العُطورْ
 
وَتَلامَعَتْ في مُنْتَهاهُ طُيوفُ جَنَّاتٍ وَحُورْ
 
وسَمِعْتُ ثَمَّ هَواتِفَ الأقدارِ: حَيَّ عَلَى العُبورْ
 
فَقَذَفْتُ نفسي ! غَيْرَ أَنِّي شِمْتُ أجْنحةَ الطُّيورْ
 
بُسِطَتْ لِتحملني ، وحطَّتْ بي على جَدَدِ المُرورْ
 
فتحتُ عيني ، والخلافةُ في رُؤى أَمَلي الغَيورْ
 
والرُّوحُ يَقظى ، والأمانةُ في دَمي نارٌ وَنُورْ
 
والعَهْدُ في عُنُقي ، وأمرُ اللهِ ، في عَزْمي يَثورْ
© 2024 - موقع الشعر