الدفاتر المرهونة - عايض القرني

ضاع المداد وملت الكتاب
وتهاوت الأحراس والحجاب

وتنكست راياتنا وزحوفنا
فرت وفوق خصومنا أنصاب

نحن الأشاوش في المجالس كلما
طرب الندامى هزنا إطراب

غفرانك اللهم من تقصيرنا
القول مين والوعود سراب

غفرانك اللهم صرنا ضحكة
في العالمين أولو المعالي غابوا

غفرانك اللهم إما كاتب
يشري الحروف وشاعر كذاب

أوتارنا مسلولة وسيوفنا
قد أغمدت ورماحنا أخشاب

وأذننا من غير سحر في الربى
آذاننا قد شاقها زرياب

ما عاد يبهجني الحديث ولا اللمى
أبدا وصرت بمهجتي أرتاب

وأشك في الجدران وهي صديقة
فكأن حائطنا له أنياب

وصدفت عن نظم القريض معطرا
للمفلسين فكلهم نهاب

وحلفت يا جرح الأباء لأهجرن
تلك الديار فما لها أصحاب

ولأعبرن بمهتجي متقدما
فالمجد نهب ما له حجاب

مجدي متابعتي الرسول وشاهدي
فيما ادعيت الدمع والأهداب

ودمي تراقص في ملاعب نهجه
فيضا وأجفاني له أحباب

وأعيش في زمن قديم كله
سعد وفوق جبينه خطاب

هي هجرة الأرواح في دنيا الهدى
ما زارها وغد ولا هياب

فاعرف علي بدر الخلود قصيدة
تسبي القلوب ولونها جذاب

النهج توحيد وظهر مطيتي
زهد وزادي سنة وكتاب

أبدا سماويا ويحدو ناقتي
صوت اليقين وخيمتي المحراب

ونشيدتي علوية قد صاغها
جبريل في جو العلا جواب

بل عالمي مولدي في مكة
شرفات داري الغرب والبنجاب

لم يسب قلبي أغيد في طرفة
لغة الهوى وحديثه ينساب

ونسيت كل مراتع ميادة
فيها سعاد وزينب ورباب

وأتيت للتأريخ أدعو طارقا
لا طارق يدعى ولا بواب

أنا من أنا والناس حولي اصبحوا
مثل اليتامى ما لهم أثواب

أنا من أنا ودفاتري مرهونة
ويراع فكري ثائر مغتاب

أهوي برأسي وهو أشجع من يدي
وأحرك الأشجان وهي يباب

لا من حزيران استفدت رجولتي
ورجال سينا في الملاهي ذابوا

رشفوا بكأس الذل حتى اسكروا
وشعارهم يوم الوغى أحزاب

إن الذي قتل الحسين تعاقدوا
من شاركوا في قتله أو غابوا

للحاسدين علي المحاسد نعمة
تركوا جليبيباً له جلباب

السامري يظن موسي واهما
وهو الكليم وخصمه قصاب

فعلام تحرق أدمعا قد وضيت
وتظل تقلق ليلك الأعصاب

وكل بها ربا رحيما كلما
هجع الخلي تفتحت أبواب

فهناك فتح الله جل جلاله
وهناك فوز العبد والأطياب

وهناك كل رغيبة محبوبة
ما نالها الأمراء والحساب

© 2024 - موقع الشعر