عهد المنتقبات - أحمد علي سليمان

يَمينَ الله طهّرْنا القلوبا
وخلينا المعاصيَ والذنوبا

وعاهدْنا مليكَ الناس عهداً
نطيعُ الله مولانا الرقيبا

ونُخلِصُ في العِبادة وفقَ شرع
وأنا للهوى لن نستجيبا

ويسترنا الحجابُ ، فلا نُخلي
من الزينات – للرائي - نصيبا

ويسترُنا النقابُ ، فلا سفورٌ
فكشفُ الوجه يجتلبُ الخطوبا

وشرعُ الله يجلبُ كل خير
فليس الشرعُ ينتظمُ العيوبا

بَرئنا من مُقارفة الخطايا
رَحَى العِصيان تَخترمُ القلوبا

ومهما قِيلَ عنا بافتئاتٍ
فليس مَن افترى إثماً مُصِيبا

سنبقى بالحجاب إلى مماتٍ
ويَصْرفُ ربُنا - عنا - الكروبا

ونلقى – بابتسامتنا - الأحاجي
ونُخفي - عن أعادينا - النحيبا

فما استهزاءُ مَن كفروا بعيداً
ولا استهجانُ مَن فسقوا غريبا

رياحُ السخريات لها عُتوٌ
وريحُ السُخف أدمنتِ الهُبوبا

ونصبرُ أن بُلِينا بالخزايا
وندعو – في مُصيبتنا - القريبا

بأنْ يقتص ممن جَرّحونا
وأعيا ما أتوْه بنا الطبيبا

ظلِمْنا ، والمُهيمنُ ذو انتقام
دعونا – في مظالمنا – المُجيبا

مناسبة القصيدة

(إنه عهدٌ أخذتْه بعضُ الأخوات الحشيمات المُنتقبات على أنفسهن ألا يبرحْن ساحة الحِشمة والحِجاب والوَقار حتى يلقين الله ربهن! وأنهن اخترن ذلك السبيل عن قناعة بحِكمة التشريع ، وعن حُب لله تعالى ، وخوفٍ من عقابه ، ورجاءٍ في دخول جنته! وتحت عنوان: (الوفاء بالعهد) يقول الأستاذ عبد الهادي بن صالح محسن الربيعي ما نصه بتصرف: (إن من أعظم الأخلاق التي حث عليها الإسلام ، وأمر بها: خلق الوفاء بالعهد ، قال سبحانه: ﴿وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْؤولًا﴾ ، وقال سبحانه: ﴿وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ وَلَا تَنْقُضُوا الْأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلًا إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ﴾! والوفاء بالعهد حقيقة من شيم الأوفياء ، ومن خصال الأصفياء ، يُحمد عليه صاحبه ، ويُذم كل من تخلى عنه بالفطرة البشرية السوية ؛ فالإنسان بفطرته يبغض نقض المواثيق ، وإخلاف المواعيد ، والمسلم أولى الناس بالوفاء ؛ لأن ديننا يأمرنا بالوفاء بالعهد. والعهود نوعان: فأعظمها وأولاها بالوفاء: الوفاء بالعهد مع الله تعالى ؛ قال سبحانه: ﴿وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ﴾ ، قال أبو العالية رحمه الله: "عهده إلى عباده: دين الإسلام وأن يتبعوه" ، ﴿أُوفِ بِعَهْدِكُمْ﴾ ؛ قال ابن عباس: "أي: أرضَ عنكم وأدخلكم الجنة" ، وقال سبحانه: ﴿أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَنْ لَا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ﴾! ومن ذلك: ما يوجبه الإنسان على نفسه كما لو نذر نذرًا ، فيجب عليه الوفاء بالنذر ، كما قال صلى الله عليه وسلم: (من نذر أن يطيع الله فليطعْه ، ومن نذر أن يعصي الله ، فلا يعصه) ؛ رواه البخاري في صحيحه. النوع الثاني من العهود: هي ما تقع بين الناس ، كعقود البيع والشراء والنكاح ونحوها ، فهذه يجب الوفاء بها ، قال سبحانه: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ﴾.
© 2024 - موقع الشعر