سُوَيعاتُ الغُرُوب - أحمد علي سليمان

يا فؤادي ، خانك الخِلُّ الكَذُوبْ
ثم باقي الأمر في طَي الغُيوبْ

زلتِ الأقدامُ في عز الصِّبا
والأذى في القلب يَكوي ، والخُطوب

برزتْ للروح أشباحُ العَنا
واللظى في النفس يفري واللهيب

لم أكن أختارُ صَحبي في الورى
بل ، ولمَّا أصطفِ الخِل الحبيب

إنما كُلُ البرايا صُحبتي
سِرتُ في كلّ المَهاوي والدُّروب

كل من أظهر حُبي صاحبي
والذي يُجزلُ نُصحي فالغريب

ثُم ، كانت بين قومي زلتي
واستغاثتْ فوقَ قِرطاسي الذُّنوب

وإذا الخلان وحشٌ كاسِرٌ
ورياحُ الغدر غالت في الهُبوب

وهشيم الحُبِّ أذراه الصِّبا
وشُمِوس العز أدماها الغُروب

ثم عانت من جراحي عزمتي
واحتواني الخوفُ مِن بَأس الكُروب

خانك الأصحاب ، يا قلبي الخَلي
إن غَدرَ الصَحب في الدنيا نصيب

لم أكن أذنبت ، إلا أنني
لم أكن في حُب أصحابي اللبيب

إنما أحببتُ أعدائي ، ولم
أنتق الخِلان في الجِيلِ العَطيب

ثم كان الخِلُّ حرباً وأسىً
ونِفاقُ الخِلِّ مِن أعتى الحروب

نافقُوني في الورى ، لم ينصحوا
واستباحوا العِرضَ ، واجتاحوا القُلوب

صاحبٌ يُخربُ بيتاً عَامراً
وصَديقٌ يحرق الغُصنَ الرَطيب

ورفيقٌ يخْمش الجُرح ضُحىً
كي يراني في متاهات الوَجيب

ويَدك الصَرحَ في قعر الثَّرى
ويَذُرُ الزيفَ في الوادي الجديب

يقتل العُمر ، ويلهو بالهُدى
ثم يُزجي الوَهمَ في قيْح المَشيب

أين أيَّامُ الصِّبا؟ أين الوَفا؟
إنما الغّدر مِنَ الصَّحب ضُروب

وسُويعاتُ الهَنَا تَشوي النُهِيَ
وطُيوفُ النفسِ في أمرِ مُريب

تذبحُ الإحساسَ في قلبي أَسىً
ولها في الروح تأثيرٌ عجيب

أين مِن قلبي خليلٌ صادقٌ
مُسلم الفِطرة مِن رُوحي قريب

وافرُ الصَفح إذا كان الخَطا
وظريف العَفو في الحال العَصيب

وجَوادُ النَّفس ، مِقدامُ العَطا
وصدوقُ القول ، ما كان الكَذوب

يرفعُ المَرء عَلَى مَتن الصفا
عبقريُ الفكر ، في البلوى طبيب

يبذُلُ الخَيرَ على طُول المَدى
ثابتُ القلب ، وذو عَز مَهيب

مُخلصُ الروح ، عزيزُ المُرتقى
رابط الجأش ، له نفحُ الأديب؟

يا إله الكون ، فارزقنا به
أنت ربُّ الناس عَلامُ الغيوب

© 2024 - موقع الشعر