شقراء كيليطو ملهمة العشق من ديوان ملحمة العشق رحلة الى جزيرة الواقواق - برادة البشير عبدالرحمان

استهلال
 
في إحدى محاضرات المرحوم الدكتور زكريا ابراهيم بُقْطُرْ في السلك الثالث خلال سبعينيات القرن الماضي... ذكر - في إطار تحليله لمفهوم التسامح عند مفكري عصر الأنوار في القرن الثامن عشر-
ذكر نازلة متصلة بالخليفة الثاني "الفاروق" - وما أدراك ما عمر - حيث كان قبل إسلامه جبارا قاسية القلب وصل به الأمر أن اعتدى على أخته وزوجها عند علمه بإسلامهما... وكان النبي بفعل ما عاناه من شر آل قريش... وتجربته القاسية في الطائف... أن تضرع للسماء بأن تنصر الإسلام بأحد العُمَرين... وحظ ابن الخطاب كان أحدهما... والنازلة أنه جاء ذات مرة يتجسس على أخته وزوجها دون علمهما وسمعهما يتلوان الآية: "إذا الشمس كورت..." فاهتز كيانه... وطلب الاطلاع على الرقعة... وكان إسلامه... وكان أحد العباقرة الذين ذكرهم العقاد في ديوانه... وهذا سياق ذكري له في قصيدة "شقراء كيليطو" من ديوان "ملحمة العشق عزف على مقام التاء، رحلة إلى جزيرة الواقواق"...
فالتسامح لا يأتي جزافا... بل داخل كل إنسان بذرة خير تحتاج لكلمة طيبة... أو حكمة أو نازلة... أو وصلة شعرية جمالية... ورغم ما قيل عن "الشعراء" كونهم لا يُجاريهم إلا "الغاوون"... وكان لهذا القول سياقُهُ... والسياق شرط في التقويم، والحكم، والتأويل، والفهم... والتعاطف... وكنازلة فإن النبي كان له شاعره الذي رغم إطالتِهِ - بحضرته- الغزلية على عادة شعراء العرب فيما قبل الإسلام... والمسمى خطأ ب "الجاهلية"... ويكفي التذكير بالآية: "إنا بعثناك لتتمم مكارم الأخلاق..." لا لتخلقها من لا شيء... كدليل على جهالة من يصف تلك المرحلة ب "الجاهلية"، لأن الجاهلية في العربية "الفصحى" كان يُقصد بها -قبل الإسلام- العدوان، والقوة، والعنف، والتسيب... ودليل ذلك ما ورد على لِسان "ابن كلثوم": "ألا لا يجهلَنْ أحد علينا فنجهل فوق جهل الجاهلينا...
ليس بعربي من لم تهتز مشاعره لسحر اللغة العربية نثرا أو شعرا...
من أجل ذلك نفهم كيف كان النبي يحث "الخنساء" على المزيد من شعرها بقوله: "هِهْ... يا خُناَسْ"...
فالتسامح قيمة إنسانية عُليا وهي أساس التفتّح وأساس الاعتبار... وردّ الاعتبار... للآخر، والأغيار...
لا يعرف العشق قلب الإنسان... مع زوجته وأولاده وأسرته وأحفاده وقومه.... ما لم ينعم بسمةِ التسامح في كلّ حقل... وسلوك... بما في ذلك الحقل الإستيطيقي.
 
برادة البشير
فاس في: 18/08/2018
 
*****************
قصيدة شقراء كيليطو
*****************
تتسلل خيوط ... إشراق
شمسي ...
بإشراق حدسي ...
و تربو ... خميرة شعري !!
فلا تزبد ... إلاّ إذا ...
شعشع ... إلهامي ...
برغوة ... فأرغَى !!
*********************
لا تبوح رغوة ... إبداعي
بما حوَت ...
إلا إذا ... أسدل الصمت
سدول السكينة ...
فيطل شعري ... بعبير
ذاتي !!
هامسا بكوني ... كي أصغَى!!
*********************
في كياني العميق ...
لكل جديد ... بذرة ...
في مخاض وعيي ...
تنشد بذرتي إطلالة ...
من نافذة الدهشة !!
تعانق ... كونا .. ربا ...
من نطفة ... فمُضغَه !!
*********************
بزغت شمسي ...
و ما غاب بدري !
فالبدر ... نهارا يرشف نور ...
«باَري» !!
كي يُدفئ ... فؤادي ...
لو كان البزوغ ... حسّا ...
فما الحاجة ... لحدسي ؟!
مبيض حدسي ... يرمز !!
كي لا يبزغَ !!
*********************
لو جلا ... للكل ...
ما قيمة ... النبوغ ؟!
فلا يدهش «عار» ...
بقمعٍ ... تأويلاً !!
والخفي ... التاوي ...
كالجنين ... حُلْمٌ !!
يرسم «تعبيراً» ... كي يَنْبُغَ !!
*********************
شوكة «بُوسيدون» ...
تحرك البحر ... بثلاث ...
رؤوس !!
و أميرة ... بَحْري
دون شوكة ... مهيّجة !
تكفيها أنامل الرقة ...
لروحي ... مُدَغْدِغَه !!
*********************
إذا الهوى ... غزا
نفسا !!
كأريج اللُّبان ...
فميل الهيام ...
لسلاح ... في الوصال ...
لوسيط ... في العشق ...
لترجمانِ ... العيون
نافل ... ملغَى !!
*********************
العشق ... ماء الحياة !
يسري في كيان الإنس ...
مجرى ... المشيمة !!
كأريج ليلاي
كحليب الولادة ...
يناجي ... «تاغَّا» !!
*********************
حليب العشق ...
كحليب الطفولة !!
خمرة إلهام ...
وحي حدس ...
إن اعتلى «كورةَ» الخيال ...
كنه ... البلاغة بَلَغَ !!
*********************
لا يبلغ ... البليغ ...
بلاغة ... الخيال !!
دون ... مخاض ...
مخاض يدير الرأس !
كراكب موج ...
فالخيال بحر ...
خوضه بالذات ...
كساحة ... الوغَى !!
*********************
السالك ... بدرب الخيال
في الغد فاعل ... !
بخميرة الحدس ... منفعل !
بروي الشعر ... فعّال !
يطرق أبواب الجديد ...
بحرير الاشراق ...
لضفيرة ... المضغة ... صاغَ !!
*********************
مخاض الروح ...
في لجة الخيال ...
يعتصر الذات ...
فتقطر بطلّ ...
لطيف ... رقيق ...!
كبسمة طفل ...
تذيب شوكة ... من بغىَ !!
*********************
كلما طافت بي ...
عين حوائي !!
ربا عشقي «جمَّا» !
و دنت قطوفه ... بنفسي
«أبَّا» !
فدقّت ساعة ... إشراقي
بانشقاق القمر ...!!
وغمرتُ كأسي ...
من ينبوع الخصوبة ...
دون أن ... يُفرغَ !!
*********************
كأس... خصوبتي !
ثغره ... بَاسِمٌ !!
عند ينبوع «نون» ...
قائمٌ !!
بثمالة ... الغد جاسمُ !!
ك «سبو» بالغرب ...
يناجي ... «وَرْغَه» !!
*********************
أريج ... كأسي
صدى «مُرٍّ» لِلُّبَانِ ...
مُغنٍ ...
لا يغازل ... أنف نائم
فمن لامس «مسك الليل» ...
طرق خوخة بكارةٍ ...!
لكسر «تِيبِ» العادة ...
تفرَّغَ !!
*********************
لا يجدُّ ... جديد ...
دون جدَّ !!
وجهاد النفس في الخلق !!
يمزق ألم المخاض ...
مخاض المبدع ... باسمٌ
بأديم روعة الفتْح ...
تمرّغَ !!
*********************
و المستحم ... في تربة
الجلال !
بالتميز ... كان فدّا !!
للكشف ... دام ... بٌدًّا !!
فما حاجة ذات الاشراق ...
لحرمة ... أو « بَلْغَه» !!
*********************
الصلاة ... في محراب
الابداع !!
لا تجوز بلباس ...
فالكشف ... لا يتم سوى
بذات مكشوفة ...
و العسل ... لا يسيل
من مسام ... بكارة ...
دون ... لَدْغَه !!
*********************
يسعد الكاشف ...
بما أبدعَ !!
كسعادة العاشق ...
بعين فؤاد ...ينضح
بما أروعَ !!
ويلهو ... السامع كالقارئ !!
بشوارده ...
كتيه زاحف ...
بذيل ... «وَزْغَهَ»
*********************
تبوح ... ذات العاشق
بعبير «أٌركيدها» !!
من مبيض ... يحاكي ...
رحم ... حوائها !!
ولَّادة ...
بلَغْوٍ ...
لا تبالي إن طغىَ !!
*********************
ما ذكرى «الحُمرة» ...
بخلد ... المَعَرّي ...
سوى !!
راسب مشيمة ...
فلا يمتطي «ثور السماء»
بحمرة ... هائج ...
سوى !!
مبدع ... متزمل ...
بحمرة الجمال ... كصبغَه !!
*********************
لا تبيض خلايا ...
الخلق !!
عدا في درب الاختلاف !!
فالمألوف ...
لا يُشِعُّ في فضاء الكشف ...
ببصمة ...
أو دمغَه !!
*********************
كلما تباطأ الضوء ...
عابراً لجة ماء !!
تسارع قبسي ... في لجة ...
بحر العشق !!
لعناق ... نطفتي ...
ما شاح ... عن قصده
أو زاغَ !!
*********************
عٌمَّدَ «الأخطل» ...
للشعراء ... سفيرًا !!
فالأتانٌ تٌسقى ماءً !
و العسل يروي العليلَ !
و اللبن دام للطفل زلالا !!
و خمرة الشعر تفكّ ...
عقدة الشاعر ...
فينطق ... بما غوَى !!
*********************
خرقة الشعر ...
كخرقة الخياط ... لا تستوي !
دون قطع ... أو بتر...
فالقطع أس الوصال
والوصل ... في العواطف ...
كالقوافي ...
كإطلالة الرضيع ...
إذا ... «نَغَا» !!
*********************
كهجرة البويضة ...
إلى حٌلكة الرحم !!
دون الهجر إلى «هناك» !!
لا نطفة ...
تهز أركان إبداع !!
فالمشيمة ...
تجعل «الآتي» ... مَصُوغَا !!
*********************
الفجوة ... كالشقّ!
كالفج ...كالفلقَ !
كالتمزق ... كالفتْق !!
أس ... ضمٍّ ... ورتق !!
و الأريج عن بعد ...
يعانق ... أفقي !!
قبل ... الأذن مهما رقت ...
العين كانت ... أبلغَ !!
*********************
القياس ... كالماس
كالمقصّ !!
وراعُ «أخناتون» ...
كشفتي حوائي ...
في الرسم !!
لا ينبع ... بتراتيله ...
إلا من ثغر ... عاشقةٍ !!
عاشقةٌ ... تصوغ ...
لحن العشق ... صَوْغَا !!
*********************
خلوة ... الشاعر ...
عند رموش العشق!
كخلوة «بوذا» ...
في ظل دوحة «التين» !!
يعزف ... نشيد الصمت
يخيط الهدوء ...
وللسكينة ركعَ ... وصاغَ !!
*********************
صدق ... الجاحظ ...
في العواطف ...
لا في النطق !!
فما نكسبه بقول ...
لا يبخّره ... قول !!
فالقول ... كالشوق ...
فريد ...
كسكون ... «بوذي» ... دام !!
داومه ... شرط ... بلوغ البلاغه !!
*********************
صدْر الشاعر ... واسع
للعين ... مثيرٌ !!
كصدر «شقراء كيليطو» !!
يزرع ... في العين ...
رؤيا ...
برحابة السماء ...
بعرض ... الأرض !!
لروي الشعراء ... من «عاد»
للبهجة ... تَفَرَّغَ !!
*********************
قوْلي ... يفتح ثغري ...
وُسعه !!
كثغر حوائي ...
كصدر انثاي يحرك أهوائي ...
فنور الحقيقة ...
لا يفيض ... دون فجوة !!
دون ... أَنْفٍ ...
لا أنفاس ... و لا تنفس !!
فلا تحلق القوافي ...
لكشف وادي النهدين ...
دون يَراع ...
يَراعي بصحن السعادة ...
قد «وَلَغَ»!!
*********************
ومضة الشعر ... رامزة للنفس !
نطفته مكثفة ... بالحدس !
إيماءة ... ساحرة بالرمش !
قبس منير ... في درب الغسق !!
كبسمة ... طفلتي !
كتوهج عين حوائي !
تٌعجز ... إعجاز اللٌغَه !!
*********************
لا يخصب ... إلا عميقْ !!
كأناي ... كحدسي ...
كبحري العتيقْ !!
ك«إياَّ» و «أَنيكي» ...
كشلال باطني ... من الأطلس
جار ...
يسقي «سَايسَ»...
و «زْواغَه» !!
*********************
تَماهىَ ... إبداعي مع عمقي!
بشريعة عشتار ...
تلتْ سنة الحلول !!
من زمن «النون» !!
شوق الوليدة ... لتكون
ولَّادة !!
لتفاح خام ...
كي تعي ... الذوق !!
كي تحيل المَسدَ ... حريرا ...
مَدغَا !!
*********************
مهما نطّت عنزة ...
الطّود !!
تلين بيد ... دباغ !!
كخبطة ... وليدتي
في دهاليزي ... دون شمعة !!
فلا يهدأ ... مخاضي ... سوى !!
عند خوخة ... الانزلاق ...
كأنها ... مكسوة صَمْغَا !!
*********************
كل وليد ... فريد!
و التَّناصُ ... موحٍ
والالهام بالتميز يبوحُ
فاللوحة ... كالنصّ !!
تطل من رحم الاختلاف ...
مياسة !!
لا تحتاج لمْسة ...أو دَبْغا !!
*********************
كلما صَدَحْتُ ...
بنشيد العشق !!
تداعت عواطفي ...
بأنغام الروي ...
تناجي ... كم وليدة !!
تدق أركان رحمي ...
معلنة ... دورة زماني ...
متغلغلة ... كلولب ...
في جدار شفاف !...
تُوقع لوحتي بحبر أحمر ...
كيد الشروق ...
تحسن للسحاب ... صبغَا !!
*********************
لا يغير الشاعر ... زيفا
حتى ... يكشف ما بنفسه !!
سقيفةُ الشعر ...
«هناك» !!
سقيفتنا ... فيما وراء ...
«جدار بْلَانكْ» !!
مقص العواطف ... منبوذ !
نبيذه ... هيهات
أن يُسْتَسَغَ !!
*********************
الشعر ... غذاء المنتمي !!
و التسكع ... ماءُ عبث
لا يعرف عنوان ... ثغري !
ما بين الصَّعلكة ... و التغيير ...
صحراء ... مديدة !!
صحراء لا تُنْبت ...
سْبارتاكوز ... أو «أغَا» !!
*********************
شعري لا يُصفٍّي ... الحساب
مع الحياة !!
من لا يموت...
لا تزور ترانيمه المنايا !!
تراتيلي ... من بحر الرجز ...
حيث تسبح ذاتي !!
حيث الغد ... يهز أركاني ...
لا يُنْهَشُ حُلْمُ ... من بَلَغَ !!
*********************
للشعر لَوَاقِطٌ ... زرقاء !!
كلواقط «اليمامة» !
لاَ زُورْدية ...
لا تستضيف ... الغبارْ ...
لا تقايض قزحا ...
بالضباب !!
لا تنام ... على حافة الطوارْ !!
الشعر ... نداء آذارْ ...
عنده ... تتفتح «تَافْغَا» !!
*********************
الشعر... لا يدَوِّرُ الزوايا...
في فضاء الزيف !!
لا «وسط» ...
في جادة الشعر ...
نجومه ... بعيدة ...
لا يطالها ثقب أسود ...
الشعر ... كالعشق ...
كالطفولة ...
لا يعرف ... دمعة خرساء !!
في مضارب فَاسْ ...
و «يَازْغَا» !!
*********************
الشعر... هويتي ...
ورقة إثبات ذاتي ...
سيل أنفاسي !!
عصاي ... اللولبي ...
بها ... أرى جدار «بْلانكْ» ...
فقاعة ... طوعىَ ...
كسحر ...طفلتي ...
بسمتها ... تمضغ أصوات...
المناجاة ... مَضْغَا !!
*********************
ليس بشاعر ...
من تفلت فرخة البجع ...
من سِحْره !!
ليس بشاعر من يجفل المُهْرُ ...
من نظرته !!
لغة الشعر لحمة الموجود !!
كالعين ... كالعشق ...
مسكن الشاعرية !!
إليها تنحني ... المشاعر ...
بها يمسي ... الكل ...
مصوغا ... سائغَا !!
*********************
الكلام ... كَلِمٌ !!
و المتكلم ... مُكْلِمٌ !!
ليس الشاعر ... بل السامع ...
بالكلام ... مَكْلُومٌ !!
أليس الشق ، و الفتق ...
أساس النبش ... أساس الحرث ؟؟
لا تعبير ... لا عَبرة ... دون جرح
فجهالة «الفاروق» انشقت
عندما «الشمس كُوِّرَتْ» ...
عند أعتاب ... القوافي ...
قولكُم ... لغا !!
*********************
الشعر إنتماء ... و من لا وفاء له عديم الشعور ... خانَ !!
وفاء الشعر من «الأبْلَق» ...
إذ سال ... أبانَ !!
إن صدق الشعر ...
يحول صوت «الحاء» ...
إلى نشيد شاف ...
سحره مذ كان ... بيانَا !!
يدير للتعصب قفانَا !!
كيف ... لا ... لنَا !!
و الغشيم ... من المغُول ...
يخلفه ... «كاتِبْغَا» !!
*********************

مناسبة القصيدة

إهداء الى الاديب المغربي الموريسكي عبدالفتاح كيليطو
© 2024 - موقع الشعر