رسالةٌ إلى ثائرٍ... - يحيى يسين

رسالةٌ  إلى ثائرٍ...
 
نذائرُ أهوالٍ دنتْ وحتوفُ
ونارٌ تلظّى والقلوبُ وجيفُ
 
أمِنْ  كاذبِ التاريخِ رُمْتَ إجابةً
تُسِيغُ انهزاماتٍ وأنتَ حصيفُ؟!
 
خُدِعْنا وكَمْ ساسُوا دراويشَ قبلنَا
وكَمْ وُصِمَتْ فوقَ الشِّفاهِ حروفُ
 
وكَمْ رُفِعَ الدُّونُ المراوغُ بينَنا
وكَمْ حُطَّ مِفضالٌ أشمُّ منيفُ
 
فلمَّا فَرشْتَ الهُدْبَ للنُّورِ حاضنًا
أُحِلتَ كما الظلِّ المخيفِ تُخِيفُ
 
وبتَّ إلى الإرهابِ تُعزى لإنَّهُ
بعينِ الدنانيرِ الطغاةُ تشوفُ
 
فكَمْ مِنْ غنيٍّ قبَّلَ الناسُ كفَّهُ
وكَمْ مِنْ فقيرٍ قبَّلتهُ كفوفُ
 
تطوفُ كروبٌ في فؤادكَ مُرَّةٌ
وأنتَ على تلكَ الكروبِ تطوفُ
 
وتغرفُ مِنْ شريانِهِ لوْ تعطَّشتْ
وكلُّ مصابٍ مِنْ دماكَ غروفُ
 
وبدرُكَ أمسى خافتًا غيرَ أنَّهُ
لَفيْ بطنِ حوتٍ مذ ألمَّ خسوفُ
 
فزدهُ اصطخابًا علَّهُ اليومَ نافعٌ
فإنَّكَ  أصداءٌ لهُ ودفوفُ
 
وإنِّك حزمٌ في غمامٍ معذِّبٍ
ستهميْ كما سُمْرٌ همتْ وسيوفُ
 
هنا الجمعُ ضاعوا ثُمَّ جاؤوا بجذوةٍ
تُضلُّ وذا الطورُ العظيمُ زيوفُ
 
هنا البحرُ أضحى مطبقًا دونَ فلقِهِ
وموساهُ وهمٌ عائمٌ وشفيفُ
 
ألا احذرْ ولا تسلكْ طريقَ سرابهمْ
ولو سلكَتْ ذاكَ الطريقَ ألوفُ
 
فقدْ دُجِّنَ الشعبُ الفقيرُ بخبزهِ
وبئسَ التمنِّيْ إنْ أُريدَ رغيفُ
 
ولستَ كمنْ ضَلُّوا ولو عشتَ بينهَمْ
ففي صنفِ أرضٍ؛ للنباتِ صنوفُ
 
وكلُّ امرئٍ يسعى إلى ما يُجلُّهُ
وخيرُهُ دينٌ -يا بنَ أمَّ -حنيفُ
 
يحيى يسين
© 2024 - موقع الشعر