خسارة الأندلسين

لـ مروان القصار، ، في الرثاء، آخر تحديث

خسارة الأندلسين - مروان القصار

في بلادي حين يأتي المساء
... يخشع القمر فوق أضرحة الشهداء

و سعف النخيل النائم ظمأً
... يصحوا من فوق قبور الأولياء

فهذه الليلة ستُحكى قصة
عن مملكة من ممالك البهاء

تدنوا صغار النجوم كي تنصت
... و يصمت الليل صمتاً كله نقاء

و النساء تمد فسطاط السهر
.... ليسمر شهريار مع شهرزاد الغراء

فتدنوا الكواكب أيضا لسماع
... أجمل الروايات عن الحب و الفداء

يرويها الأجداد للأحفاد بشغف
... يطول فيها الكذب حتى يعانق السماء

و إيضاً يُلقى فيها الشعر الأبلق
... حتى يقدح الشرر من ألسنة الخطباء

فتضحك الكائنات كثيرا هذه الليلة
... لكثرة الخرافات حتى يصيبها الإغماء

بلادي اليوم هي نبع للكذب
... يتعرى العقل فيها كما يتعرى البغاء

فلا مشكلة بتحريف كتب السماء
.. و لا مشكلة أن تأم المصلين أمرأة صهباء

فالكل مدجن كفئران المختبر
... و يمكن الفعل بهم بمجرد أفتاء

في بلادي استقر الذل و توطن
... حتى صار أحفاد

بني أمية الأمراء
يعملون صبيان في كل كار

... خصوصا عند صُناع الحذاء
يحملون الأحذية على رؤوسهم

... و يطوفون في الساحات مع النداء
من يشتري منا قباقب الحمام

من يشتري منا النعال العذباء
دون خجل أو وجل أو حياء

... يفرشون بضاعتهم
و يجلسون القرفصاء

و ينادون العبرة بنا يا أولي الألباب
.... كنا سادة الدنيا و ها نحن أذلاء

كنا ملوك لغاية أن عبدنا المال
... و تخلينا عن السيف و العدل و البيداء

نحن من أذل الكفر و أهله
... و ها نحن نبيع الأحذية في عاشوراء

ليُضرب بها قبر معاوية
... و يُلعن حتى تشق ثوبها اللطماء

على مرآنا بجانب صرحنا
... نشاهد و نحن نتظاهر بأننا أغبياء

فيا أهل الشام كنتم تفاخرون بأربعة
.... و ها قد قهركم بأربعة الأعداء

بحب المال و الرياء و الرضا بالظلم
... و الخنوع عن نصرة الأقرباء

أين عرائش قرطبة و ورد غرناطة
... و ليالي عانقنا فيها نجلاء السماء

أين الأندلس التي تقمصت الشام
... و نقلنا إليها أطايب الهناء

كنا إذا أتت الأرض زخرفها
... قلنا ليس كما الشام هذا الزهاء

و أشبيلية تسقي نارنج بيوتها
و تغني في دمشق الجذور و الدماء

حتى كل ماء سميناه بردى
... و كل جميلة سميناها شامية عرباء

ليت شعري كان ببستان هشام
.... و ليت القوافي سهام سفراء

و ليت الخيال ينال رؤوسكم
... فكم يشقى التمني بالجبناء

يا بني قومي لا خلاص لكم
... إلا أن تكفروا بالغول و العنقاء

.. مروان
© 2024 - موقع الشعر