وكلُّ مقدَّرٍ لا شكَّ آتٍ - حسن الحضري

سرَى باللَّيلِ طيفُكِ فاستطالا
بأجفانٍ غدَونَ له مَجالا

عَدَدْتُ به النُّجومَ فما استقلَّتْ
لتَرحالٍ ولا عزمتْ زَوالا

وقد لاقيتُ ما لاقيتُ منها
بوجدٍ ما علمتُ له مِثالا

فإنْ أصبر فإنَّ لكلِّ صبرٍ
مَرَدًّا للسُّؤالِ إذا استحالا

ولمْ يَعزِفْ عنِ التَّحنانِ قلبي
وقد لامَتْ فما تركتْ مَقالا

تقلَّبَ في التَّسهُّدِ كلُّ صبٍّ
دَعَتْهُ النَّائباتُ فما استقالا

عليكِ سلامُ ربِّكِ كيف يُصغِي
فؤادُكِ منهمُ قِيلًا وقالا

وقد أيقنتِ قَبْلًا سُهْدَ قلبي
وأشواقًا به طالتْ فطالا

ذكرتُ وصالَنا مِن قبلِ بينٍ
ألمَّ فما يَرى شيئًا مُحالا

إذا عصفتْ رياحُ الشَّوقِ مالتْ
إليكِ صبابتي مِن حيثُ مالا

وليس بمُرتَضٍ قلبي بديلًا
إذا ما لاح طيفُكِ ثُمَّ هالا

فما أوفيتِ إذْ أوفَى فؤادي
ولا نَوَّلْتِهِ وصلًا فنالا

وأُمسِكُ دمعَ عينٍ قد دَعاها
إلى التَّهتانِ بينُكِ منذُ حالا

إذا ما قلتُ لم يكذِبْ فؤادي
ولم تَجِدي معارِضَتي الفِعالا

علامَ الدُّمعُ مِن جفنٍ تأبَّى
عليه النَّومُ ما يرجو وصالا

فقد بانتْ وشطَّ الوُدُّ منها
فما ترجو لِعَبْرَتِكَ اعتقالا

فهل بعدَ الفراقِ جديدُ وصلٍ
يُرجِّيه الفؤادُ بما استمالا

فكُفَّ الدَّمعَ واصبِرْ رُبَّ صبرٍ
بهِ تَسْتَضْعِفُ النُّوَبَ الثِّقالا

فقد أضناكَ منها طولُ هجرٍ
وعذَّبكَ السُّهادُ بها وغالا

وما يُجديكَ دمعُكَ بعدَ بينٍ
أبَى رفقًا بشوقِكَ فاستطالا

وكلُّ مقدَّرٍ لا شكَّ آتٍ
وإنْ بَطُؤَ الزَّمانُ به وطالا

فرِفقًا في مجاهَدَةِ التَّنائي
فإنَّ لكلِّ حادثةٍ مَقالا

© 2024 - موقع الشعر