الكوكب المتواري - سعيد العويناتي

هل تذكرُ تلك الريح البرية
يا من كنتَ معي فوق رمال البحر
وفي الطرقات تغني
والأطفال عصافير تسرحُ فيما بين العامينْ
وترسم لوحاتٍ للنخل المتمدد من آلاف السنوات
بهذي الجزر المملوءة بالأصداف
وبالماء الأزرق..؟
****
هل تذكر أغنية ريفيه
كنا قد غنيناها يوم تعارفنا
والأحباب على الشرفاتِ
وأسماك البحر على مقربةٍ من شاطئنا الحاملِ في
داخله أثمار الدنيا، يحتفلون بعرس الأرضِ
وأفراح الإنسان المغتسل بماءٍ يتدفق من هذي
القيعان المغروسة فينا مذ جئنا للعالم؟
يا أغنية غنيناها
يا فارسنا المتألق خلف الجدران الرطبةِ
والحجرات الملعونه
****
ياكوكبنا المتواري ما بين غيوم ما عادت تأتي بالمطرِ
الأبيضْ
هل تذكر ما بين قيودك وجهي
والأطفال وماء البحر..
وكل شوارعنا
والنسماتِ
وضحكات النسوه
هل تذكر ما كنا نتسامر فيه
والضحكاتِ
وأسماء الأصحابِ
ولحنًا كنا نحفظه
في ساعات الشده..؟
يا نهرًا مملوءًا بالموسيقى
إني أتذكر كل ملامح وجهكَ
والشعر الفاحم
والبسمة في شفتيكَ
وأحداقًا كانت لغة تتحدث فيها
حين يدق لك القلبُ.. فتأتي سمراؤكَ
تلثمها، يسّاقطُ حزنك مغموسًا
كالملح بهذي الأرض السبخه
*****
يا لغةً كنا نعرفها
حين نراك ... وفي عينيك ملامحنا
وزوايا الحارات المظلمة
وكل صبايا القرويات
يزغردن بعينيك
وكن يطفْنَ غيومًا بيضاءْ
يسّاقط منهن غزيرًا ذاك المطرُ المتثاقل بالأثمار
****
يا لحنًا قرويًا جاء من الأعماق إلى الأعماق
هاك زهور بلادي ألثمها
وأغرسها لك في القلب أنيسًا علَّ ذئاب الصحراء
تموت من الغيظ...
وتنتحرُ الآن .. وفي أعينها أشواك حدائقنا المزروعة
من آلاف الأعوام إلى آلاف الأعوام
****
هاك سماء بلادي
خذها لك
يامن كنت على مقربة منا
في ذاك الصيف القائظ
والفتياتُ يطفن بباب البحرينِ
يرددن هتافًا يحمل إسمك
والأصحاب
وأحزان الوطن
ويحلمن بيوم يأتي فيه المطرُ غزيرًا مراتٍ أُخرى
كي تخضوضر فيه مآقينا الأسيانة..
والأجساد التعبى..
يا من كنت تواسينا أحزان الأمسِ
وأحزان اليوم
وأتعاب السنوات السوداءْ
إني أتذكر في عينيك (حزاوي) القرويينَ
وأحزان البحارة حين يدقون ليصطادوا
اللؤلؤ من أعماق بحار الفوضى
إني أتذكر في شفتيك كلامًا حلوًا
يتناثرُ في الطرقات
وفي الحارات
وفي أرض الريف
وفوق الأسطح
يا من كنت هلالاً في داخله قلبٌ يتنامى حتى يشمل
هذي الأرض العطشى، والبحر... وأعشاب قرانا
المسكونةِ بالحركه
إني أتذكرُ في داخلك القلب الهادر كالبحرِ
وأغصانًا تتكاثر كالنسوة في أيام الأعراسِ
وفي ساعات غناها الأطفال.. كموج كانوا...
والأعلام ترفرفُ... والزينات.. ودقاتُ القلبِ
وهذا الوطنُ الأخضر يزدانُ بأفراح العالم في
أيام العرس الأولى
*****
يا من كنت معي في الأسواق تطوفُ
وأحلامك ملء البحر
وفي عينيك قوارب صيادي الأمس.. وعمالُ اليوم
وأشعار المستقبل.. يا غصنًا مزروعًا في راحات
المكدودين.. المنهوبين.. الملتحفين براياتِ
الوطن الأكبر، إليك سلامي مشفوعًا بملايين القبلاتِ
وأزهارًا من قلبي لك في هذا الوطن
القابع في داخلك المتعب..
يا فارسنا بالأمسْ
ويا فارسنا اليومْ
ويا وردًا نحفظه للمستقبل
خذنا في ساعات الحزن الأبدية أطفالاً تتراشق
بالقبلات الخضراءْ
© 2024 - موقع الشعر