اللغة العربية الخالدَة - سعد مردف

يا واحَةَ الضَّادِ بالأيمَانِ حُيّيتِ ،
عَلوْتِ في فَلَكٍ بالعِزِّ مَنعُوتِ

ما زلْتِ فَيضاً منَ الألحَانِ يمْلؤُنَا
و ناطقاً سِحْرُهُ أوْدَى بِهَارُوتِ

لمَّا تثنَّيتِ بالأَقْلامِ مَائسَةً
نسَجْتِ أبْرَادَ دُرٍّ ، أو يَواقِيتِ

وحينَ أنزلَكِ الرحْمنُ مِنْ صَبَبٍ
أَبنْتِ عَن وهَجٍ في الصَّدْر منْحُوتٍ

أُلقِيتِ ذكْراً من القُرآنِ أحْرفُهُ
كوامِضِ النُّورِ في بُردَيهِ أُلقِيتِ

جاوزتِ في أثَرٍ ما ليسَ تبلغُهُ
في الأنفُسِ الجِنُّ ، أوْ مُرْدُ العفَاريتِ

حُيّيتِ يا لُغةَ القُرآنِ ناصعَةً ،
يا أمَّ مَنْ طَهَّروا الإنسانَ حُيّيتِ

يا مَنْ حَملْتِ حَضَاراتٍ ، و ألويَةً
ضَمَمْتِ أخبارَها من عهْدِ جَالوتِ

و قَد وعِيتِ ضُروبَ العلْمِ حَافِلَةً ،
بِفالِقِ الصُّبحِ ، و الأنوارِ أُعْطِيتِ

جمعْتِ أسْرَارَ أُمَّاتٍ ، و إنْ دَفَرَتْ
و ما تعَمَّيتِ عنهَا حِينَ نُودِيتِ

ورِثْتِ مِنْ أمَّة الإسلامِ صَادِحَهَا
أحلَى لسَانٍ بمنطُوقٍ ، و مسْكُوتِ

و لم يَضِرْكِ و إنْ غَالَى أخُو مَقَتٍ
و لا وهَنْتِ لذِي عَتْبٍ ، و تبْكِيتِ

حُوربْتِ في الحَيِّ عنْ جهْلٍ ، و قد سُلِبَتْ
من البنينَ عقُولٌ ، ثُمَّ عُودِيتِ

و أنتِ لَوْ عَلمُوا مَهْدُ الفخَارِ لهمْ ،
و أنتِ لَوْ عَلِمُوا مَا كُنْتِ أوذيتِ

دُومِي على العَهْدِ يا أمَّ الفصاحَةِ ، يا
أخْتَ البيَانِ دواماً ذائعَ الصِّيتِ

فأنتِ أبقَى ، و إنْ زلَّتْ بألسِنةٍ
آلاتُها ، أو تهَاوَتْ للتوَابَيتِ

حاشَاكِ تَذْوينَ أزهاراً ، و أوْرِدَةً
و أنتِ بالمُصْحَفِ العُلويِّ عُلِّيْتِ

و مِنْ شِفَاهِكِ عَذْبُ الذّكرِ مُنْسَكِبٌ ،
و منهُ يَا غَضَّةَ الأفنَانِ رُوِّيتِ

© 2024 - موقع الشعر