بسمة جد

لـ أحمد بشير العيلة، ، بواسطة سماهر، في غير مُحدد

بسمة جد - أحمد بشير العيلة

جَدٌّ كمئذنةٍ أطلّ
 
فاتنٌ بالبسملة
 
زاخرٌ بالخير والدعوات والحلوى
 
يقرئهم سلاماً
 
وسؤالاتٍ عِذاب
 
كلهم - أحفادُه - قاموا إليه
 
يتعلقونَ عليه لبلاباً وشوقاً
 
يتسلقونَ بروجَهُ
 
فامتدَّ نعناعٌ عليه
 
يرتوِي ضحكاتهم
 
أُنظرْ إليهِ
 
جُيُوبُهُ احتلَّتها أيديَهم
 
تُفَتِّشُ في فضولٍ
 
كومةَ الأوراقِ والصور الصغيرة والنقود
 
فاغرورقتْ عيناهُ بالوجدِ
 
هذا البِنَاءُ من المشاعر
 
قامةٌ من زَقْزَقَة
 
تسكنهُ عصافيرٌ كثيرة
 
صاخبُ الأعشاش والنشوى
 
كل عُشٍّ لحفيد
 
وكل نبضٍ لرؤاه .
 
...
 
داخِلٌ للدار
 
حاملٌ كتفيْه أنهاراً مُهَيَّأَةً لقفز صغاره فيها
 
فارِداً كفّيه فانطلقتْ فراشاتٌ ملونةٌ كثيرة
 
واستراحتْ فوق أجفنِهم
 
فضاءً من حكايا .
 
...
 
داخِلٌ
 
أعلىَ من الأضواء والشجر القديم
 
انْحَنَى غُصْناً مليئاً بالفواكه
 
ظِلُّهُ قُبَلٌ تضمُّ نحولَهم حُبّاً
 
وتجمعهم إليه كضمتيّ ريحان
 
يا ظلَّه
 
يا ضوءَ تُربتهم
 
ودفءَ عروقهم
 
ياواسعاً بحُنُوِّكَ العالي
 
يستريحُ على محيطكَ لغوُهم أسرابَ ( لُوتس )
 
يتفيَّأُ الضحكُ الجميلُ لثغرهم نبراتِ صوتك .
 
...
 
داخلٌ
 
وبسمتهُ نهار ٌدافيءٌ
 
شمسٌ خفيفة
 
لامستْ أحفادَه
 
قَبَّلَتِ الجفونَ فمرَّ طيفٌ من رُؤى
 
بسمتهُ
 
حماماتٌ تحطّ على أياديهم
 
تُقَبِّلُ حلمهم
 
وتلتقطُ النسيمَ من الأصابع .
 
...
 
مضيافُ هذا الجَدّ
 
لا يدخل الدار َإلاّ حاملاً ضيفاً من السِّيَرِ القديمة
 
يُجْلِسْهُ في الوجدان
 
يُسْكِنْهُ حول جِنانهم
 
بطلاً يمرُّ على حصانٍ مارقٍ كالسهم من جنب الرؤوس
 
يهتزُّ شَعر جبينهم من ريح هذا السهم
 
كم مرة ركبوا بساطَ الريح
 
كم مرةً سلُّوا لعنتر سيفه وهو في كنف الضيافة
 
كم مرةً رحلوا مع الأفكار في مدن البخور
 
هاموا
 
ولولا القبضتان على الخدود
 
لنسوا رؤوسَهم الصغيرة في الخيال ،
 
مضيافُ هذا الجدّ
 
قسماتُهُ
 
آثارُ أنهارٍ عتيقة
 
نحتتْ قساوتَها وغاضتْ
 
في أيِّ قرنٍ صافحتْ هذا المدى عرقاً وبؤساً
 
في أي يومٍ خدَّش الحزنُ جبينَه
 
وجهُ هذا الجدّ أرضٌ جائعة
 
تُسْقَى
 
إذا لعب الصغار ُعلى ثراها
 
يسحبون بلغْوِهم تلك الخطوط
 
ويفردون الكَرْمَشَة
 
وجه هذا الجدّ أرضٌ جائعة
 
تُسْقَى ببسمتِه إليهم .
 
...
 
بسمةُ الجَدّ
 
سحابٌ لامعٌٌ
 
بلّل الزغبَ المطرّز جلدَهم
 
فتضاحكوا وتدافعوا وتسابقوا
 
حول ماءٍ يستحمُّ على يديه
 
قرنفلا .
 
...
 
بسمة الجدّ
 
غصونُ كمثرَى تَمِيلُ من الحلاوة
 
حقلُ كَرْزٍ باهرٍ
 
سحبٌ ثقالٌ من عذوبة
 
يتظللُ الأطفالُ من قيظٍ طويلٍ تحتها
 
ظِلُّ بسمته
 
شِغافٌ لُفَّ حول قلوبهم
 
فتفيّؤوا بالنبضِ عُمراً كاملاً
 
ظِلُّ بسمته نسيمٌ منعشٌ
 
يتنافسون ليلقطوه
 
ويسكبوا أجسادَهم فيه كحبات الندى
 
ظلّ بسمته حواديتٌ صغيرة
 
يزرعَها بتربتهم زهوراً وحبق .
 
...
 
بسمة الجدّ
 
فرعُ لوز ٍ
 
مُدَّتْ محاليق إليه
 
فاستراحتْ هذه الكرماتُ دهراً من سرور
 
واخضرّت رُؤَى .
 
____________
 
26 / 3 / 1999
© 2024 - موقع الشعر