يا باعث السحر ! - حسن الصيرفي

يا باعثَ السِّحْرِ من عينيكَ في كَلِمي
هذا نشيدُكَ، فاسمعْ ساحرَ النَّغمِ!

أصوغُهُ من فؤادٍ لم تمُرَّ بهِ
سحابةُ الحقد، أو إلمامةُ النِّقَم

من كلِّ خفقةِ قلبي صُغْتُ أَحرُفَهُ
وكلِّ نبضةِ عرقي واضطرامِ دمي

أنقى من الطَّلِّ راحَ الصبحُ يلثِمُهُ
أزهى من النجم في مُستغلِق الظُّلَم

إذا استمعتَ إليه، قلتَ من عجبٍ:
هذا حديثي أنا في نشوة الحُلُم..!

****
يا باعثَ السِّحرِ في ألفاظ شاعرهِ

حتى اسْتَحَلْنَ لِحاظاً، لا كلامَ فَم
لا تزوِ عينيكَ عنّي، أو تَمِلْ بهما

فإنَّ شِعري لكأسٍ منكَ جِدُّ ظَمِي !
كم جرَّعَتْني الليالي من عُصارتها..

في كأسيَ التقتِ الآمالُ بالألم
ألحاظُ عينيكَ أضواءٌ رأيتُ بها

فَرادِسَ الخُلْدِ في دوّارة العدم !
****

يا باعثَ السِّحرِ في شِعري.. إليكَ سَرى
في رِقّةِ الشدوِ، أو في خفقة النَّسَم

إنْ كنتُ في السفح قد نسَّقتُ جوهَرَهُ
فإنَّه يترقَّى أرفعَ القِمم..

فيه من الطير ترديدٌ وتمتمةٌ
في ماسة النُّور، أو في فحمة العَتَم

ومن زهور الرياضِ الغِينِ نَفْحَتُها
نقلتُها لكَ عطراً طيِّبَ الفَغَم

ومن فتون الصَّبايا رقْصُهنَّ على
مسارح الموجِ في تيّارهِ العَرِم

****
يا باعثَ السِّحرِ! ما زال الشُّعاعُ لهُ

بقيةٌ تُجتلَى في ومضة الكَلِم
فرُدَّ مغربَ عمري فَجْرَ مشرقِهِ

ورُدَّ جَهْمَةَ دهري ثغرَ مُبتسِم
واسمعْ أناشيدَهُ تُتلى عليكَ، كما

تُتلى التسابيحُ في قدسيّة الحَرَم !
© 2024 - موقع الشعر