التألق في موته - محمد الفيتوري

في انحناءة روحي عليك
تأملت وجهك
هذا الذي صيغ
من زهرة الفرح التونسي
ومن ياسمين الأسى والبهاء
طفقت أعانق موتى فيك
وأصغى إلى الذكريات طويلا
وبي جبل غارق في البكاء
***
لي الله يا صاحبي
كيف لي أن أصدق
أنك حلم تجسد
ثم تحلل في ذاته
وتناهى وراء الوراء
***
كيف لي أن أصدق
أنك ضوء على شرفة
ثم غادرت الشمس إيوانها
واستعادت عناصرها في المساء
كيف لي أن أجيب إذا ما سئلت
وكيف سأقرأ شعري إذا ما كتبت
وكيف سألقاك يوماً وقد ضعت مني
في زحمة اللالقاء
***
في انحناءة شعري لديك
لبست كآبة عصري رداء
وجئتك أبحث عنك
وبيني وبينك
عرس من الضحكات الأليمة
ومائدة من رماد الهزيمة
يا صاحبي وأخي:
والقضاة صقور مذهبة
والعدالة حسناء
نائمة في سرير الجريمة
يا صاحبي وأخي
في الحياة والموت
لم يكن الموت رايتنا
لم يكن مجدنا قمراً ساقطاً
فوق أرض عقيمة
لم نكن أمة مثلما زعموا
فلماذا إذن صعقتنا النجوم
وأظلم في روحنا العصر!
عشناه في القادرين
وفي سقطة العاجزين
وعشناه في الواقفين
وفي ركعة الساقطين
صحائفنا حول أعناقهم
وفجائعهم ملء أفواهنا
لم نكن أمة مثلها زعموا قط
يا صاحبي وأخي..
***
كان ثمة سنبلة من شرودي إليك
وصفصفاة من رحيلك في الآخرين
أجبني إذن... أيها المتألق في الموت
كيف تحولت صفصافة تتموج خضراء
في زرقة الميتين
وكيف تصير الدموع دماء
إذا سقطت من عيون
وكيف تصير الدماء ترابا
إذا سقطت من عيون!
***
وفي أفق البوح والعجز
ساعة يغدو الكلام انطفاء
وتركض في الناس ريح الذهاب
تداخلني موجة من رموزك حتى الغياب
فأنصب قلعة حزني
وأشغل مدخنة من عظامي
وأحضن من سكنوا جسدي
بانتظار الإياب
لماذا تقيمون في جنائزكم
وتشيحون عني!
أريحوا هياكلكم مرة
وانزلوا يا صحاب
هنالك في راحة القلب مائدة للجميع
وفي قلق العمر متسع لليالي العذاب
ويا سيدي الموت..
ها أنذا تحت أنوار شمسك
مستغرق في شرودي
ها أنذا في غرائب سرك..
محتجب عن وجودي
ها أنذا سابح في فضائك
منغلق دوني الباب
يا سيدي المتوحد في قبة الغيب
يا سيد الوحشة المستبدة
والغسق اللانهائي.. والاغتراب!
يا سيدي
يا سيدي!!
© 2024 - موقع الشعر