حريق في رداء الأميرة إلى إلياس أبو شبكة - محمد الفيتوري

يوم أعلنت آية عشقي..
أسميت في نجمة في المجرات زوايتي..
وانكسرت عليك
كما انكسرت زرقة البحر فوق جناح النهار
كما انفرطت فضة الشمس في هضبات المدار
ولما تباركت في زينتي ذات يوم
تلاشيت في حجبي..
وانتهيت إليك
ومن أنا في العاشقين
إذا لم تكن أنت عشقي!
ومن أنا في الشعراء إذا لم تكن أنت شعري
***
يوم أعلنت عشقي
كانت عروش المماليك
منسوجة في حرير الهوادج
والأمراء السلاجيق
يفترشون ظهور الجياد
وآلهة الحرب تلبس أزياءها القانيات
وكانت تحلق في مدن الشرق
أشباح ماض عتيق
والأميرة بيروت تدخل مرآتها في رداء من البرق
كانت لبيروت حينئذ هالة امرأة
غسلت جسمها في حريق
وسألتك:
كيف استراح الذي غاص في مقعد الرمل
والرمل يغزو تضاريس هذا المساء العميق
وسألتك:
كيف تسلقت القدم الحجرية سقف السماء
وفي الأرض يقتتل المؤمنون على الله!
والله كيف تحجر أقنعة في صخور المضيق!
وسألتك ثانية
ثم ماذا؟
وبرقوق غادر منفاه تحت ستار الظهيرة..
والخاصكية تنفخ أبواقها الذهبية
والقصر يبرق في أصبح القهرمانة
والسدة الملكية محروسة بالحريم
وجلجلة أمطرت وطناً كان في مقلتيك
هو الشعر.. يخلد فيك وتخلد فيه
ويخلد لبنان، منسكباً في غيومك
أنت الذي حملت راحتاه الاناء المقدس
والنار في شفتيه...
وباكورة المهرجان..
***
منسكباً مثل زيتونة نذرت نفسها للآلهة
ثم في ذات يوم، كثير التجاعيد
مالت على الجذع
ثم استحالت هي الجذع
ثم استحالت نواه..
***
وأذكر أنك أرخت:
لو أن تلك الصقور المدلاة
عبر ثقوب المداخل
لم تك عالقة هكذا في ثقوب المداخل!
لو أن رهط الملائكة المنشدين
على خشبات الصنوبر
لم تتجاوز حدود اليقين على خشبات الصنوبر!
***
لو أن هذا الرداء الرسولي
لم يتحدر قليلاً
على الكتفين الرسوليتين
ولو أن بيروت لم تسق عشاقها من دم مرتين!
***
وأرخت يا سيدي
حين تنفتق البذرة
الأرض تعرف أبناءها
كلما ارتجفوا راجعين
ولقد يستطيل عليها الغزاة
ولكنها تتقيؤهم بعد حين!
***
عد إليها يعد وطن في غنائك
أنت الذي قلت، ساعة قلت: الرحيل
إنني ذاهب، غير أني أقول لكم
بعض هذا الحضور غياب
وبعض الغياب حضور طويل!
***
وأقول لكم
-وأنا محض روح تبوح-
لطف الله بالناس
أن الخطايا-وإن أنتنت-لا تفوح
وأقول لكم:
-نسيت هذه الأرض، وقع محاريثكم
أيها الزارعون
فاستردوا محاريثكم
تستردوا القضية
واذكروا أنكم عرب العصر، لا عرب الجاهلية
© 2024 - موقع الشعر