لأنـــــك عـــيـــن أم لا تـــنـــام - مانع سعيد العتيبه

لأنك عين أم لا تنام
وقلب أب براه الإهتمام

أتيت وهم أيامي جبال
تطاول قاسيونك يا شام

ودمعي زاد عن بردى صبيبا
هما كالغيث يحمله الغمام

ولو بدلت دمعي بابتسام
فمثلك ليس يخدعه ابتسام

زمان العز والأمجاد ولى
ولم يتبق لي إلا الحطام

وأصحبت العروبة في حمانا
يتيما حوله قوم لئام

فمن يزعم بأن له انتماء
إلى مروان أشقاه اتهام

وقيل : العنصري عدو دين
تساوى فيه من صلوا وصاموا

وهل أضحى لدين الله مجد
بغير سيوف من هبوا وقاموا

وهذا المسجد الأموي باق
يذكر بالذي فعل الكرام

إلى الفيحاء جاءوا مثل غيث
فأزهر في روابيها الخزام

وشادوا للعروبة صرح مجد
وكم يحلو عن المجد الكلام

أنا ابنك يا دمشق ولي انتساب
إلى من لم يهونوا أو يضاموا

صقور قريش الأحرار كانوا
لهم بالدين والدنيا التحام

ويا عجبي صقور المجد ولت
وأعلن حكمه فينا الحمام

دعونا للسلام ذئاب رمل
وهل يجدي مع الذئب السلام

أنا ابنك يا دمشق فعانقيني
ليرجع لي الهدوء والانسجام

وأصغي للعروبة في فؤادي
تقول : أنا البداية والختام

أنا الشرف الرفيع لخير قوم
أنا الحب الكبير أنا الهيام

أنا شعر رواه أو فراس
أنا كأس الحمية والمدام

أنا ليلى وكم غنى لليلى
دعي ليس يدري ما الغرام

دمشق تكلمت خفقات قلبي
وعن وجه الهوى سقط اللثام

رضعت هواك يا فيحاء طفلا
ومالي عنك في شيبي فطام

فإنك أنت تاريخي وقلبي
بأمجاد العروبة مستهام

حكايا النصر في اليرموك تبقى
عزاء القوم إن حل انهزام

ومنذ ولدت لم أشهد صباحا
لنصر قام يعلنه الإمام

كأن النصر أضحى مستحيلا
وليس لديه في وطني مقام

لماذا نحن مهزومون دوما
وما هذا الخلاف والانقسام

هزمنا منذ ضاع الحب منا
وأصبح حاكما فينا الخصام

ولو أنا صفحنا أو عفونا
وللغفران كان لنا احتكام

لما ساد الخلاف بنا وحلت
علينا لعنة وأذل هام

وسال دمي بسيف أخ غرور
فحل على أخي مني انتقام

وصرنا الإخوة الأعداء حتى
تعجب من حماقتنا الأنام

حلال غزونا بعض لبعض
وحرب عدونا الغازي حرام

حنانك يا دمشق ففي ضميري
خيول الشعر ليس لها لجام

وتغريني الحقيقة باقتحام
وفي شعر المصارحة اقتحام

رأيت الله يغفر كل ذنب
ويكرم تائبيه إذا استقاموا

وأما نحن فالأحقاد فينا
إلى دهر الدهور لها دوام

أنغفر للأخ الخاطي ؟ محال
لنا بالثار عرف والتزام

وللأعداء نرعى كل عهد
لهم منا الوداد والاحترام

ولكن الأخ الساعي بصلح
له الإذلال والموت الزؤام

أدق بقبضة القلب المعنى
على أبواب عطفك يا شآم

لمحتاج أنا لحنان صدر
كما للغمد يحتاج الحسام

تعبت وليس لي إلاك أشكو
لها همي ليغمرني السلام

حفظت عروبتي من كل زيف
وصان الأصل حافظك الهمام

تخلى عنك خلان ولكن
بحبل الله كان لك اعتصام

صبرت وها هو الجولان آت
على أحلى وأحسن ما يرام

بلا نقص ومثلك ليس يرضى
بعيب النقص إن كان التمام

أرادوا السلم ذلا مستديما
على شم الجباه له ارتسام

فلم ترضى وقلت لهم : أهذا
سلام العدل أم هذا التهام ؟

وكان لحافظ وقفات ليث
وللآساد لا ترمى العظام

بغير الأرض لا يحيا سلام
ولا تفنى العداوة والصدام

وإن بني السلام على خداع
وغطى الرأس في الرمل النعام

فلا سلم المخادع من حميم
لمخدوع ولا غاب الحمام

وإن أعطى نظام الحكم أرضا
لأجل السلم لا سلم النظام

دمشق تحملني الأماني
إلى دنيا على عدل تنام

يكون الشعر فيها صوت حب
فلا ظلم يسود ولا ظلام

فهل أحيا لهذا اليوم قولي
أم اني سوف يطويني الزحام ؟

أحبك يا دمشق وإن حبي
على صدر القصيد هو الوسام

© 2024 - موقع الشعر