أشهد على جنوني - غادة السمان

أفتتح الحب بك و الفرح
 
و أتوجك
 
في مملكة الذاكرة أميراً
 
يرفل في حرمانه ..
 
رعيته من العشاق و الأزهار و العصافير
 
و القواقع التي تغلي حياة سرية
 
داخل أصدافها القاسية البكماء
 
على شطآن حارة لبحار منسية ...
 
***
 
أفتتح الضوء بك
 
و أشهد بانهيارات أكواخ وطني ...
 
و شظايا زمني
 
و بليالي الغربة في فنادق القطارات
 
أشهد بالتشرد
 
و عزف المتوحدين في المحطات
 
أشهد بالقتل و الدمع الأسود بالكحل ...
 
اشهد بالبوم اللطيف و بحبري
 
و أوراقي و خواتمي و غيتاري
 
***
 
أشهد بالنوم على بركان
 
و بممحاة النسيان
 
أشهد بالبجع و الغزال و القارات و العناصر
 
أشهد بالعاصفة تطاردني
 
و بالشراسة المائية المعدنية الحجرية تحاصرني ..
 
***
 
أشهد بدمي و دمك و سلالات الأسرار
 
و مواقد العشاق في البراري
 
أشهد بالبحر
 
و النجوم في ليلة صحراوية صافية
 
أشهد بالشاي البارد في مطارات الوحشة
 
أشهد بكل ما أحببته أو كرهته
 
بكل ما طعنني و طعنته
 
أشهد أنني أحبك
 
***
 
أشهد بسكين البوصلة و ليلة الشمس
 
أشهد ب" نعم " و "لأ " و بالعودة الى التفاحة
 
أشهد بفجر القلب العاري و المرايا المكسورة
 
بوداعات مكهربة بعناق اللغم بمباهج السم ...
 
أشهد بنزوات مطلقة الصراح
 
حتى جنون الصحو
 
***
 
أشهد بالعصافير تطير من عينيك
 
الى قلبي
 
أشهد بقهوة الصباح معك
 
ذات فجر غابر في " الحي اللاتيني "
 
أشهد بالثلج
 
فوق تلة " مونتمارتر " و سلالمها
 
أشهد بأصابع الرسامين
 
الملطخة بالأصباغ و النيكوتين
 
و هم يرسموننا معا في ساحة " التيرتر "
 
أشهد أنني أحببتك مرة .... و ما زلت ..
 
***
 
و اذا أنكرت حبي لك
 
تشهد أهدابي على نظرة عيني
 
المشتعلة حتى واحتك
 
و اذا تنصلت منك
 
تشهد يدي اليمنى على اليسرى
 
و أظافري على رسائل جنوني بك
 
و تشهد أنفاسي ضد رئتي ..
 
و تمضي دورتي الدموية عكس السير
 
ضد قلبي
 
و تشهد روحي ضد جسدي
 
و تشهد صورتي في مراياك
 
ضد وجهي ...
 
و تشهد الأقمار الطبيعية و الاصطناعية
 
ضد صوتي
 
***
 
و حتى يوم أهجرك – أو تهجرني –
 
لن أملك
 
الا التفاتة صبابة صوب زمنك ...
 
لأشهد أنني أحببتك مرة ... و ما زلت
 
....
 
26/9/1985
© 2024 - موقع الشعر