غَشيتُ بِأَذنابِ المُغَمَّـسِ مَنـزِلاً - عمر بن أبي ربيعة

غَشيتُ بِأَذنابِ المُغَمَّسِ مَنزِلاً
بِهِ لِلَّتي نَهوى مَصيفٌ وَمَربَعُ

مَغانِيَ أَطلالٍ وَنُؤياً وَدِمنَةً
أَضَرَّ بِها وَبلٌ وَنَكباءُ زَعزَعُ

بِخَبتِ حُلَيّاتٍ كَأَنَّ رُسومَها
كِتابُ زَبورٍ في عَسيبٍ مُرَجَّعُ

فَهاجَ عَليكَ الشَوقَ رَسمٌ مُعَطَّلٌ
أَحالَ زَمانا فَهوَ بَيداءُ بَلقَعُ

فَإِن يُقوِ مَغناهُ فَقَد كانَ حِقبَةً
أَنيساً بِهِ حورُ المَدامِعِ رُوَّعُ

لَيالِيَ إِذ أَسماءُ رُؤدٌ كَأَنَّها
خَلِيٌّ بِذي المَسروحِ أَدماءُ مُتبِعُ

لَها رَشَأٌ تَحنو عَلَيهِ بِجيدِها
أَغَنُّ أَحَمُّ المُقلَتَينِ مُوَلَّعُ

إِذا فَقَدَتهُ ساعَةً عِندَ مَرتَعٍ
تَراها عَلَيهِ بِالبُغامِ تَفَجَّعُ

تَكادُ عَلَيهِ النَفسُ مِنها مَذافَةً
عَلَيهِ الذِئابَ العادِياتِ تَقَطَّعُ

يُذكِرُنيها كُلُّ تَغريدِ قَينَةٍ
وَقُمرِيَّةٍ ظَلَّت عَلى الأَيكِ تَسجَعُ

يُجاوِبُها ساقٌ هَتوفٌ لَدى الضُحى
عَلى غُصنِ أَيكٍ بِالبُكاءِ يُرَوِّعُ

لَقَد خَلَعَت في أَخذِها بِرِدائِهِ
جِهاراً وَما كانَت بِعَهدِيَ تَخلَعُ

وَمَدَت لَدى البيتِ العَتيقِ بِثَوبِهِ
نَهاراً فَما يَدري بِها كَيفَ يَصنَعُ

يَظَلُّ إِذا أَجمَعتُ صَرماً مُبايِناً
دَخيلٌ لَها في أَسوَدِ القَلبِ يَشفَعُ

تَذَكَّرتُ إِذ قالَت غَداةَ سُوَيقَةٍ
وَمُقلَتُها مِن شِدَّةِ الوَجدِ تَدمَعُ

لِأَترابِها لَيتَ المُغيرِيَّ إِذ دَنَت
بِهِ دارُهُ مِنّا أَتى فَيُوَدِّعُ

فَما رِمتُها حَتّى دَخَلتُ فُجاءَةً
عَلَيها وَقَلبي عِندَ ذاكَ يُرَوَّعُ

فَقُلنَ حَذارِ العَينَ لَمّا رَأَينَني
لَها إِنَّ هَذا الأَمرُ أَمرٌ سَيُشنَعُ

فَلَمّا تَجَلّى الرَوعُ عَنهُنَّ قُلنا لي
هَلُمَّ فَما عَنها لَكَ اليَومَ مَدفَعُ

فَظَلَّت بِمَرأَى شائِقٍ وَبِمَسمَعٍ
أَلا حَبَّذا مَرأَى هُناكَ وَمَسمَعُ

© 2024 - موقع الشعر