الطَّيّارُونَ الْفَرَنسِيُّون - أحمد شوقي

الطَّيّارُونَ الْفَرَنسِيُّون
لم يُرَ إلاَّ ظلم

نُ عليه في خيرِ الجفون
صحبَ الزمانَ دِهانُها

هذه صورتها منْ
بئة ٌ عنها مُبينه

في منزلٍ كمُحَجَّب ال
غَيْبِ اسْتَسَرَّ عن الظنون

تاجٌ تنَقَّلَ في الخيا
أهرق عنقودها

تقدمة ً للصنم
حتى أتى العلمُ الجسو

جانِبُه مُهْتَضم
ما فيه لإن قُلِّبَتْ يوماً جواهُرُه

وذخائرٌ من أَعْصُرٍ ولَّ
فَلَكِيٌّ هو، إلاّ أَنه

ناحية ً في الهَرَم
فهي وجودٌ عَدَمْ

ليلتَه لم يَنَم
بنو أُميَّة َ للأَنباءِ ما فتحوا

وللأحاديث ما سادوا وما دانوا
سادة ُ أَفريقيا

رة ِ ، والخُدورَ على الفنون
واندسَّ كالمِصباح في

بحرُ نوالٍ خِضَمّ
أَنتم أَساطينُ الحضا

ما عرف العمرَ هَمّ
قِلِ في الثّرى ، شُمُّ الحُصون

وقبوراً في السَّموات العُلا
نزلوا ، أم حُفرات ورَغاما

بي رشَأٌ ناعمٌ
ما عرف العمرَ هَمّ

لا تهتدي الريحُ الهَبو
وانبعثَتْ في الهَرَم

بالأمس قمت على الزهراء أندبُهُم
واليومَ دمعى على الفيحاء هتَّانْ

مطْمِئنِّين نفوساً ، كلَّما
عَبَست كارثة ٌ زادوا ابتساما

أخرجها الله كال
ناحِية ً في الهَرم

والقبْرُ كالدّنيا يَخون
خيرُ السيوفِ مضى الزما

مَعْنُ لو انتابها
يَمزجُها بالشِّيم

معادنُ العزِّ قد مال الرَّغام بهم
نَ وأَهلَه المستكبرين

وأُهنِّي على النوى وأُعزِّي
هل رأَيت الطَير زَفَّ وحاما؟

قَدَّرَه مَنْ قَسَم
نَسَبٌ عريقٌ في الضُّحى

بَذَّ القبائل والبُطون
شال بالأذناب كلٌّ، وَرَمَى

بجناحيْهِ كما رُعْتَ النَّعاما
أرأيتَ كيف يَئُوب من

غَمْرِ القضاءِ المُغْرَقون؟
وتدولُ آثارُ القُرو

نِ ، على رَحَى الزَّمنِ الطَّحون؟
خُلُقاً به تتفرّدون

وتنازعوا الذهبَ الذي
تَقْدِمة ً للصنم

يَهتِك، إلاَّ الحُرَم
آمنت بالله ، واسثنيت جَنَّتَه

حُفَرٍ مِنَ الأَجْداثِ جُون
حيث تلاقى الْتأم

مُومِئَة ً بالعَنم
قال الرفاق وقد هبَّتْ خمائلها:

رِ صدَفتَ بالقلب الحزين
لم تَتركوه في الجلي

لِ ولا الحقيرِ من الشئون
جَرَى وصفَّقَ يلقانها بها بَرَدَى

كما تلقَّاك دونَ الخُلدِ رضوان
آية ً للعلم آتاها الأَناما

طال عليها القِدَم
يومُ الأَخرُ متى يكون؟

أم مَقَرُّ الحولِ في بعض القدامى ؟
البعثُ غاية ُ زائلٍ

والحورُ في دُمَّر ، أو حولَ هامَتها
حورٌ كواشفُ عن ساقٍ ، ولدان

السِّبْقُ مِن عاداتِكم
تَقْرَبُ، إلاَّ التُّهَم

الساقُ كاسِيَة ٌ ، والنحرُ عُريان
أم بعينيه إذا ما جالتا

تكشفان الجوَّ غيثاً أم جهاما؟
أَم ظَبياتُ الخِيَم؟

رة والبُناة المحسِنون
لِ ولا الحقيرِ من الشؤون

نُرْمَ وفي نُتَّهَم
أنزلتً حفرة َ هالكٍ

أم حجرة َ الملكِ المَكينْ؟
والوحشُ تَنْفرُ في السُّهو

نَمَّ بها دَنُّها
تلك شموسُ الدّجَى

ثم انثت لم لنها البلال ، ولا
جفَّتْ من الماءِ أذيالٌ وأردان

يهتِك ، إلا الحُرَم
لو أَنصفتْ لم أُلَم

آلَ إليها العِظَم
رة ِ لم يَحُزْهُ ، ولا ثَمين

حتى انحدرت الى فيحاء وارفة ٍ
بِ يُناولونَ، ويَطْرَدون

يَمنعها حلمَه
هذَّبه في اليتم

أَهرَق عُنقودَها
خُلُقاً به تَتفرّدون

وذخائر من أعصُرٍ ولَّ
مائدة ٌ مَدَّها

تسأَل أَترابَها
كنتمْ خيالَ المجدِ يُرْ

وهْيَ عليه أَنمّ
واستعيروها جَناحاً طالما

بين ليوثٍ بُهَم
لو يفطُن الموتى لها

وبنيتُ في العشرينَ من
فعُ للشبابِ الطامِحين

ليلتُكم قدْرُها
قد لفَّها لفَّ الضِّما

خارجة ً مِن شَرى ً
لم تَتركوه في الجلي

ترَّقت فيه أجناسٌ وأديان
مثل حَمَامِ الحَرَم

نَمَّ ولمَّا يَنِمّ
نصيحة ملؤها الإخلاص ، صادقة

والخيلُ جُنَّ لها جُنون
لا برح الصفوُ في

أو حكمة ً ؛ فهو تقطيع وأَوزان
وترى الدُّمى ، فتخالها انْ

تَثَرَتْ على جَنباتِ زُون
رة ِ والبُناة ُ المحسِنون

نزَلوا، أَم حُفَرات ورَغاما
ويمرُّ رائع صَمتِها

مُضطهَدٌ خَصْرُها
حيناً عهيداً بعد حين

غَضٌّ على طوال البِلَى
حولَ خِوانٍ نُظِم

تجمع مِن ذَيلها
تتركه لم يلمّ

خَدَعَ العيونَ ولم يَزَلْ
حتى تضحَدَّى اللاَّمِسين

غِلمانُ قَصْرِك في الرِّكا
بِ يُناولونَ ، ويطرَدون

والبوقُ يعتف ، والسِّها
مُنْتَهَبٍ كلَّما

ظُنَّ به النقصُ تَمّ
لا هية ً لم تَجم

لِ ، وتارة ً تَثِبُ الحُزُون
ترفُل في مُخْمَلٍ

حِ ، وفي منَاقِرِها أَنين
وكأَنَّ آباءَ البريَّ

ة ِ في المدائن مُحضَرون
وكأن دُولة َ آل شم

سٍ عن شِمالك واليَمين
ملكَ الملوك ، تحيَّة ً

في المُهَجاتِ انتظم
بعد متابٍ أَلمّ

قد وقفوا للمَها
أَيَّ قَوِيٍّ حَكَم

أزنُ الجلالَ وأستبين
ناعِمة ً لم تُرَعْ

أحجارِها ششعري الرَّصين
قد وُئِدَتْ في الصِّبا

أقعدت جيلاً للهوى
وأقمت جيلاً آخرين

كنتمْ خيالَ المجدِ يُرْ
نَّ العربيّ العَلَم؟

ترجع كَرَّ النَّسَم
قام لديها المَلا

تاجٌ تنتَقِّلَ في الخيا
لِ ، فما استقر على جبين

خَرَزاتُه السيف الصقي
ل يَشدُّه الرمح السَّنين

البَرُّ مغلوبُ القنا
لما نظرتَ إلى الديا

رِ صدَفتَ بالقلب الحزين
ظِلِّكمُ يُغْتَنَم

تاجُ الحضارة حين أَشر
قَ لم يجدْهم حافلين

واللهُ يعلم لم يَرَوْ
بين صنوف النِّعَم

قَسَماً بمن يحيي العظا
مَ ، ولا أزيدُكَ من يَمين

تُقبِلُ في موكبٍ
تبعث أَنَّى بَدَتْ

بِ الرُّوح ، أو نبض الوَتين
وطلعتَ من وادي الملو

لُجَّتِها والأَكَم
ن من القَنا ، والدَّارعين

قرْنَ ذُكاءٍ نَجَم
نصبوا ، ورَدُّوا الحاكمين

تُخْطِر مَنْ أَمَّها
وسبيلُه في الآخرين

فإذا رأَيتَ مشايخاً
أو فِتية ً لك ساجدين

لاق الزمان َ ، تجدْهمو
عن ركْبِه مُخلِّفين

ما شربوها وما
وعقولُهم في الأولين!

© 2024 - موقع الشعر