وهم الدنيا - لطفي القسمي

البارحة كنت طفلا مرحا
تلعب صباحا مساءا
وتتقلب في السرير فرحا
الزمن مر سريعا
والطفولة ظننتها خلودا
ها أنت اليوم شابا يافعا
تأمل أن تشق لنفسك طريقا
وتحقق في كل خطوة نجاحا
مر الشباب سريعا جدا
ظننت أنه يدوم دوما
ها أنت اليوم رجلا كهلا
ولازلت فردا وحيدا
عن زوجة تبحث شمالا ويمينا
تريدها أن تكون صالحة جدا
قديسة وأعظم جمالا
ونسيت أنك لست ملاكا
بل إنسانا لا يخلو عيوبا
ضيعت سنينا
باحثا عن حلم مستحيلا
في النهاية تزوجت زواجا واقعيا
أنجبت أحمد ومحمدا
وتمنيت ان ترزق بنتا
رزقت بنتا
ولم تكن عبدا شاكرا
وظننت أنك بذريتك خالدا
ها أنت في سن السبعين متأملا
نعم لقد أضحت الشيخوخة واقعا
وبعدما كنت أبا
ها أنت اليوم جدا
حولك احفادك يطوفون حولك طوفا
تحكي لهم عن طفولتك كأنها خيالا
تحكي لهم عن مغامراتك كأنك بطلا
جعلتك من قصصك أساطيرا
ونمت وأنت كاذبا
وقلت في نفسك ذنبا صغيرا
والرب غفورا رحيما
ها أنت اليوم مريضا
بل تحتضر احتضارا
وعلى السرير تنشد موتا مريحا
تعلم أنك لم تعد خالدا
وأيقنت كم كنت واهما
في وصيتك كتبت طلبا أخيرا
على قبري أكتبوا قولا بارزا
أنا الذي في القبر مدفونا
أحس كأني لم أعش في الدنيا يوما
وغدا سأقابل ربي وحيدا
عسى أن يغفر لي ذنبا
حسبته دوما صغيرا
© 2024 - موقع الشعر