مدائن الأشباح

لـ الطاهر الصوني، ، في غير مُحدد، 161، آخر تحديث

مدائن الأشباح - الطاهر الصوني

كتبت هذه القصيدة بعد موت الطفل الشهيد - حمزة الخطيب -
 
مدائن الأشباح كنت انت فيها السيدا
أسطورة أنت الذي نسجتها
و كنت في فصولها
أنت الردى ...
أجريتها في كل شأن
كي تظل ممجدا
تشتَمُّ عند الفجر ريحان الربى
تلبس قمصان الحقولْ ...
و ثوب أنفاس تساقطت على
دفاتر الأطفال
جمرا ...
قد تدلى أحمرا
في الشاطئ الوهمي ...
يكسوك الإباءُ
تلتف بالموت المبلل الجناح
مبحرا في عتمة النسيانِ
تمحو ما جنت يداك ْ
كي تكتب التاريخ
في جوف المدى
تذبِّح الأطفال حين تنتهي
من رسمك الجميلِ ...
تستحيي النساءَ
تقتل المزارعين في الحقول ْ
تلملم السنين في صمت رهيبٍ ...
تُسكِن القتلى الثرى ...
و تحتفي بالموت بعد أن يصولْ
فتختفي خلف الخطى
بين الأماني المترفهْ
لتعتلي جسر الوصول ْ
تنسل من ظل اللغات ِ ...
قد مددت الكبرياء في مداكْ
قتلت طفلنا الصغيرْ
عذبته ياأيها الرئيسُ
من أجل انبعاث المجرمين حولكَ
من جبك المسكون بالموت انبعثت
كي تخلد الجراح ... ترتوي
منها ...
و مما قد تبقى من هيام المدمنين قبلك َ
قد كان طفلا يلعب الخذروف هاهنا
على ضفاف حلمهِ ،
يسابق الرياح في شعاب قرية
تنام في رؤاه ُ
حبها في قلبه ِ...
و يطلق اليدين في الهواءِ
يمسك الغيوم و النجوم
قبل موته ِ...
بين الفيافي قد رميته
ممزقا ... طوبى له
مات الشهيدْ ....
دماؤه الزكية الحمراءُ
وزِّعت على البلاد ْ
و أعلن الحداد ْ
و الريح تحمل الردى
عبر المدى
فيُهرع العبادْ
للمسجد القريب ... للصلاةِ ...
" مات حمزة الخطيبْ ...
قد مات أحمد و زينب ُ ...
و طفلنا الصغير ْ...
و جارنا ...
و شيخنا ... "
من قرية لقرية
من ضفة لضفة
فالريح تحمل الخبر ْ
و الناس في صلاتهم
دموعهم كأنها المطر ...
رصاصة بالقلب قد جرت
و أخرى مزقت شريانه ُ
ما بين إصبع و إصبع ...
عصا الجلادِ
قد خطت بجسمه الأثرْ
و الروح فاضت
حينها تركته بين الحفرْ
و هو الصغيرْ
من ثديها أرضعته أمه
حليبها و حبها
علمته فقرة صغيرة من دفترك ْ
" يموت شنقا من يخون ذا الوطن "
فكنت أنتْ...
أول من خان الوطن ...
© 2024 - موقع الشعر