رسالة من المدينة

لـ راشد حسين، ، بواسطة سماهر، في غير مُحدد

رسالة من المدينة - راشد حسين

وأذكُرُ أنَّكِ كُنْتِ طَرِيَّة
وشاحاً على دَرْبِ رِيحٍ شقيةْ

تلمّين معطفَكِ الفستقي
على كنزِ قامَتِكِ الفستقيةْ

وقلتُ أنا : مرحباً ..
فالتفتِّ وأمطرتِ ثلجاً وناراً عَلَيَّهْ

وكانتْ رموشُ النجومِ بعيداً
تُحاولُ جَرْحَ الغيومِ العتيةْ

وكنتِ بِحَرْبَةِ رِمْشٍ طَرِيٍّ
تُريدين جَرْحَ معاني التحيةْ

وَسِرْتِ بَعِيدَاً ورأسكِ نَحْوِي
وفي النظراتِ معانٍ سخيةْ

وشوقٌ بعينيكِ أنْ ترجعي
كأشواقِ لاجئةٍ يَافَوِيَّةْ

* * *
وأعلمُ أن الهوى هبَّ صدفة

كهبة ريح على باب غرفة
وأن الشباب بغير غرام

كدارٍ من الماس من غير شرفة
فليتك تدرين معنى الربيع

يُجَدِّل زهراً ليكرم صيفه
ومعنى أصابع رمانةٍ

ترفُّ على البرعم الطفل رفة
ومعنى السحاب يريق دماه

فيسقي الزهورَ ويصنع حتفه
لأدركتِ معنى وقوفي الطويل

على باب دارك أول وقفة
* * *

وخلفتُ ريفي الذي تكرهين
لأغرق نفسي بليل المدينة

هناك وجدتُ وحولَ الشتاءِ
على صدرِها طينةً فوق طينةْ

وينهبُ مَنْ شاءَ ألوانَها
كنهبِ الخريفِ ستائرَ تينةْ

تَعَرَّتْ كماسورةٍ من زُجَاجٍ
فألقيتُ فيها مُنَايَ الثمينةْ

وكنتِ بِمعطفِكِ الفستقيّ
تَسيرين عبرَ خيالي حزينةْ

قِطاراً من العِطْرِ مَاضٍ يقولُ :
هبُونِي مَحَطَّةَ قلبٍ أمينةْ

فأسألُ قلبِي : ألستَ أميناً
فيهتف : داستْ عليَّ المدينةْ

* * *
هنا في المدينةِ تَمْشِي النِّعَالُ

على كلماتِي .. على قِصَّتِي
هنا الكلماتُ بغيرِ معانٍ

توابيتُ مَوْحُولَةُ الجبهةِ
وفي كلِّ زاويةٍ ألفُ حُبّ

رَخِيصٍ كحاضريَ الْمَيِّتِ
لِماذا جَنَيْتِ عَلَيَّ لِماذ

رَمَيْتِ إلى وَحْلِهَا مُهْجَتِي
سَئِمْتُ المدينةَ .. قَلْبِي يَموتُ

سآتِي إليكِ .. إلى قَرْيَتِي
أُعَلِّقُ قلبِي على لَوْزَةٍ

فَوَانِيسُهَا حُرَّةُ الْمَنْبَتِ
أنا عائدٌ هل تُرى تَذْكُرين

فتدرين ما السِّرُّ في عَوْدَتِي
© 2024 - موقع الشعر