حديــثُ أمـــسي - عبد العزيز سعود البابطين

ظلامُ الليلِ أدركَهُ التمنّي
فأخفاهُ وغابت فيهِ عيني

حبَستُ الروحَ في صَدري لكي لا
تُناجي بالهموم رؤىً كَوَتْني

وبُطْءُ اللَّيلِ أرهَقَني وأفنى
تَناهيدي ووَجْدي ليسَ يُغني

ألوكُ الهمَّ في أعماقِ نفسي
فيُضني واللَّواعجُ أحرقَتْني

وأجترُّ الحديثَ حديثَ أمسي
وقد حجبَ الزمانُ صَداه عنّي

فلا أجدُ الحبيبَ دنا لقُربي
ولا سَكِرَ الهوى يوماً بِلَحني

ولم أسمعْ من الأطيارِ شَدْواً
تُرجّعُهُ على أوتارِ فَنّي

وما خَفَقَ القطا يبكي هَوانا
ولا نبضَ الحَيا برُواءِ غُصني

وزهرُ الرَّوضِ كفَّ عن التناجي
بفَوْحِ العطرِ يسكُبُه بِدَنّي

وموجُ البحرِ ألجَمَهُ سُكونٌ
فغابَ بموجِهِ فِكري وظَنّي

وهذا البدرُ أنكرَ أَنْ رآنا
وقد شَهِدَ الهوى عيناً بعينِ

وذاك اللَّيلُ أنكرني جِراحًا
يداويها وقد قارَبتُ حَيْني

كأنَّ اللَّيل لم يشهدْ عُهوداً
تُوثِّقُها تَباريحي وحُزني

وهذا الفجرُ لم يسمعْ شَكاةً
يضجُّ أنينُها في كلِّ أُذْنِ

لماذا لا يواسيني عَذولي
وقد أنَّ العذابُ وصارَ يُضْني

شبابي قد ذوى مُذْ جَفَّ نبعي
وأُهْدِرَ ماؤهُ يومَ التَّجنّي

فمَن ذا يرحمُ القلبَ المُعنّى
بحبٍّ خِلْتُه جَنّاتِ عَدْنِ

فشبَّتْ نارُه ترعى برُوحٍ
تنوءُ بأسرِها في ليلِ سِجْنِ

ليالي الشوقِ كُفّي عن نِدائي
فلن ألقاكِ حتى بالتَّمنّي

ظلامُ اللَّيلِ غابَ فلا ظلامٌ
يُؤرِّقُني ويشقى فيه جَفْني

© 2024 - موقع الشعر