رسالة الى سيدة لا تزور الا في الشتاء - عبدالله سليمان الخطيب

سيدتي ..
آه لوكنت
حين تولى الصحب في المساء ..
آه لو كنت ..
و كان الوصل يعطينا مرساة الهوى
و يعدو حولنا
كالاطفال
في زحمة الشتاء ..!
كنتُ ..
و كنتِ .. كما تشائين او كما اشاء
و كانت الاشياء
لكنما انت تأخرت
و طال بقائي في حمى الانتظار
حتى أدلّهم الليل
و غيبت في جنباتي ضوء النهار ،
و ازهرت في عينيّ رموش الجلنار
و رنقت بين الضلوع آهات و آهات
و احلولكت ايامي
بعدما رسمت للارض المسار .
سيدتي ..!
في حضن عينيك تصورت الارض و الشجر ..
ابحرت بعيداً ... بعيداً ... وراء القمر ..!
قبّلت ضفاف النهر ..
على اليدين ..
قتلت السهر ..
اسلمت روحي للقدر
و عينيّ اللتين ضمهما بين الرموش
العشب و الزهر ..!
سيدتي ..!
اغواني في عينيك بريق بلادي ..
و احتواني الشوق ..
بين اوراق زيتون بلادي ..
و اثلج الصدر ..
حتى خالني الحادي انا الحادي ..؟!
سيدتي ..!
وجهك من ترب بلادي الطهور
و تحت اهداب عينيك
هابيل و قابيل يقتتلان ..
لا هذا يسلم الروح ..
و لا ذاك يخلي قيادي ..
في روعة البرتقال ..
في زرقة البحر ..
في لون عينيك ..
في هدوء النهر ..
في انسياب الرمل في سيناء و السبع القتيل
انا القتيل ..!
سيدتي ..!
و سديني اهداب زرع بلادي
و عشب بلادي
و الخضرة
غطيني بموج البحر
ان البحر يوشك ان يجف حسره
و الذين باعوا الحب و العفه
ينامون ملئ العين يا حره
سيدتي
كم سألت النفس عنك
و كم حاورت الهوى
و الهوى يكتوي بالنار و الجمره ..
لا الدمع يجري
قد جف نبع الدمع في مآقينا ..
رويت السهل و الوعر من شلال تعازينا
فمن يردُّ الدمع للمجرى
حتى يسيل على الخدين أكليلا ..!
سيدتي ..!
و انت لي ملؤ الوجد و اللهفه ..
فحاوريني ..
و انت لي منذ كانت الارض
و هذي السماء
فناديني ..
تلقي دموع العين .. تقتحم الفناء
فخاصريني ..
اني اشتهي الخصر و ربة الخصر اكثر ..!
و ارنو للديار و انت فيها
ورد تشريني ... ابحر
الى جزر الحب في شرقنا الملآن
في شرقنا المتخم
لكل انواع الهوى
فاشتكيني ... لرمل الشاطئ الولهان
اني احب الرمل اكثر ..!
سيدتي ..!
تحيرت فيك و في فؤادي ..
تهت في وادي الهوى
و المشوار طال و ابعد ..!
و طائر الرعد اقبل من بعيد وجهه مسهد
فيهرب الوجدان ... يسافر و يأتي ..
و يلتقي الحب بالحب ... القاك
في غيبة السمار ... ادعوك
الى حلبة الرقص ... اناديك ..
مدي لي الحبل ... ساعديني
ارقى لسمتك السامي يا بلادي و اصعد ..!
سيدتي ..!
كم سألت النفس عنك
و كم حاورت الهوى فيك
لماذا تأخرت
و كنت ماض في طريق الانتظار ..!
احرقت بالشك يقيني ..
اشعلت بالبعد نار تشريني ..
هجرت ..
نسيتيني ..
لماذا تأخرت و قد جاء القطار ..!
سيدتي ..!
لقد اثرت فيّ التحدي ..
فارتأيت ان ارقب النهار
مشيت وراء خيالي ..
حتى طال بي المشوار ..
لا انت جئت ... و لا انا مللت الانتظال ..!
و كنت اغني ... على ناري
قضيت الشهر و الشهرين دهرين ..
على ناري ..
ذبحت القلب مرات ..
و غادرت مكان اللهو ارجوك ..
و حاورت النفس فيك فطال الحوار ..!
سيدتي ..!
سلي عيون الصبح هل نامت عيوني ..؟!
سلي صقيع الليل كم ضمت يداه اجفاني ..؟!
و كم اسهد الوصل في غياب الوصل افكاري ..
سلي نجوم الليل ..
سلي الكون ..
لكن لا تسأليني ..
اني اخاف البوح بالاسرار ..!
سلي الليل عني و عن سهادي
سلي ليلة الميلاد كم أنسيت ميلادي ..!
حين تولى الصحب و النوم جافاني ..
فقمت في حلكة الليل
استجدي الهوى سلوة الاسهاد
و اهديه اكباد اكبادي ..
فيا ويلي يا سيدتي
جن الشوق في صدري ..
و العشق اشقاني ..
و نادى في حنايا القلب الف حادي ..!!
© 2024 - موقع الشعر