وداعاً يا وحيد القرن - شاكر لعيبي

أغنية إلى نهاية القرن العشرين
 
وداعاً أيها الحصان المعدني، وأهلاً يا غزالة الأثير..
 
لكم قطّعتَ أنفاسنا بقفزاتكَ المثيرة في الحلبة المئوية،
 
لكم فَجَعَتْنا نظراتُ عينيكَ الساهمتين في الكواكب،
 
لكم آلمتْ رفساتكَ أكباد أمهاتنا. أخواتنا ينظرن الى ذلك الشيء الخارج من بين قدميكَ الخلفيتين،
 
آباؤنا يتطلعون إلى صهوتكَ المزركشة بالمصابيح
 
أيها الحصان الحصان الذي تعلم الطيران في درب التبّانة والذي يفجع تحليقه حمائم الكنائس
 
الجموح المنمسخ الى وحيد قرن هجم على دواجننا وكلابنا وغرف القصب التي ابتناها أجدادنا،
 
أيها الأدرد وداعاً،
 
وداعاً أيها البهلول الخارج مبلولاً في عواصف الكهرباء،
 
في فوحانات الغازات السامة،
 
في أنواء المغناطيس المتثائبة بين السلالم الضوئية،
 
في المركبات الدائخة قرب النجوم،
 
بين الذرات والزهور السامة،
 
أيها المتقلب في قوارير المختبر الذي طالما اختبر أرواحنا،
 
أيها الناهض من اندثار الغابات وانقراض الجوارح،
 
أيها الأخضر النائم في رائحة الدولار،
 
يا مَبْكى القرون على الحائط الآيل للسقوط لكن الشاخص حتى اللحظة مبرقشاً بذرق الطيور ومحاولات اللبلاب.
 
أيها (الحبّاب) العارج عرضاً الى شارع الداعرات العجائز
 
وداعاً يا مُذلّ الكواسر ومروّض الأفلاك وكاسر قلوب الشعوب،
 
أيها التلميذ النجيب في مدرسة العاطلين عن العمل منتجي القيمة وفائضها،
 
أيها العاض بظر إمه في صعود الرايخ وفي سقوط القدس،
 
أيها البطل الباكي قدام أغنيات الامريكان اللاتينيين الخاسرين ،
 
والماشي في ترنُّحات ثمل الشيوعية،
 
يا مُقٍّسم حبة الحنطة ومُغْرق البُن،
 
يا حارق الغابة الإستوائية والقاسم بالقسطاس حدود القارات،
 
يا فلذة طفرت من أكباد الشهداء بين الحربين،
 
يا مُبذّر قروش الأيتام،
 
يا باذر الأمراض الجنسية في الحديقة الآسيوية،
 
يا مخترع السياحة على بشرة النحاس.
 
أيها المندهش من سماكة عمائم الشيعة،
 
أيها المختفي في القمقم الذري،
 
لا حدود لك،
 
لقد اخترتَ الخروج عن حدود كُرَتِنا،
 
لا تخوم لبسالتكَ ونذالتكَ كليهما،
 
لعظمتكَ وسفالتكَ النائمتين في غرفة واحدة.
 
شجرتك تتحجر وعصافيرها تتعرى من ريشها،
 
لا حدود لعدالتكَ وظلمكَ المتزوجين منذ الأزل لكن المخرِّفين في نهاية العمر.
 
عمركَ..أنت المشتعل بين الألوان والأشكال عسيرة الولادة،
 
بين النغمات والرقصات المنفلتة من مداراتها،
 
الأعظم أنت في الأغنية اليائسة،
 
الجمال الأكبر المتكبر يوما بعد آخر.
 
أنت جناحا الفراشة التي تأبدت في الحديد.
 
أنت الطارق الذي خضَّ أبواب العصور.
 
صدرك مُعرَّى وظهرك مخرومٌ بالرصاص.
 
يا مكتشف الزهرة البلاستيكية والأوزة الجصية،
 
أيها النائم في كهوف اللاوعي،
 
السابح في بحيرات الوعي البشري حيث لتحويم الهوام طنين عالٍ..
 
ماذا سأقول أنا ابنك البار الفاني…
 
وداعاً يا وحيد القرن.
© 2024 - موقع الشعر