خَلَطَ الْغَرَامُ الشَّجْوَ فِي أَمْشَاجِهِ - ابن معتوق

خَلَطَ الْغَرَامُ الشَّجْوَ فِي أَمْشَاجِهِ
فَبَكَى فَخِلْتُ بُكَاهُ مِنْ أَوْدَاجِهِ

وَدَعَتْهُ غَزْلاَنُ الْعَقِيقِ إِلَى السُّرَى
فَغَدَا يُسَارِي النَّجْمَ فِي إِدْلاَجِهِ

ودعتهُ ناحلة ُ الخصورِ إلى الضَّنى
فكستهُ صفرَ الوشيِ منْ ديباجهِ

تُمْلِي عُيُونُ الْغَانِيَاتِ عَلَيْهِ مَا
يُمْلِي الْنَدِيمُ بِهِ كُؤُوسَ زُجَاجِهِ

يا منْ لقلبٍ يستضيئُ بقلبهِ
فَكَأَنَّ جَنَّتَهُ ذُبَالُ سِرَاجِهِ

دَنِفٌ أَعَارَتْهُ الْخُصُورُ سَقَامَهَا
أينَ الأطبَّا منْ عزيزِ علاجهِ

قدْ ظنَّ سكبَ الدًَّمعِ يخمدُ نارهُ
سَفَهاً بِهِ فَتَأَجَّجَتْ بِأُجَاجِهِ

وبياضِ ساعدهِ المساعدِ لوعتي
للهِ ما صنعبْ يدا إعواجهِ

قَرُبَتْ مَحَاسِنُهُ وَعَزَّ وُصُولُهُ
فبدا بدوَّ البدرِ في أبراجهِ

كمْ من ظلامٍ فيهِ قد نادمتهُ
حَتَّى بَدَتْ نَارُ الصَّبَاحِ بِسَاجِهِ

ولربَّ زائرِ أيكة ٍ لوْ أنَّهُ
يدعو الجمادَ لزاد في إبهاجهِ

ولقدْ تأمَّلتُ الزَّمانَ وأهلهُ
وأجلتُ عينَ النَّقدِ في أفواجهِ

فَرَأَيْتُ عَرْبَدَة َ الزَّمَانِ عَزِيزَة
في حالِ سكرتهِ وصحوِ مزاجهِ

ولربَّما ظنَّ السَّفينة َ بأنَّهُ
يصحو بلى لكنَّ لاستدراجهِ

وَيُسِرُّ قَلْبُ الدَّهْرِ كُلَّ عَجِيْبَة
لمْ يفشها إلاَّ بنو أزواجهِ

ورأيتُ أغلى ما عليهِ منَ الحلى
أَرْبَابَهُ وَعَليَّ دُرَّة َ تَاجِهِ

قيلٌ تواخى بالمكارمِ والتُّقى
وَالْجُودِ وَالْمَعْرُوفِ مُنْذُ نِتَاجِهِ

سَمْحٌ إِذَا فَقَدَ الثَّرَى صَوْبَ الْحَيَا
وشكا الظَّما يسقيهِ منْ ثجَّاجهِ

بَطَلٌ إِذَا هَزَّ الْقَنَا بَأَكُفِهِ
تضحي القلوبُ مراجزاً لزجاجهِ

أسدٌ إذا لقيَ الخميسَ فعندهُ
كَبْشُ الْكَثِيبَة ِ مِنْ أَذَلِّ نِعَاجِهِ

جمعُ الأسودِ إذا لقيهِ لدى الوغى
حَذَراً يُبَدِّلُ زَأْرَهُ بِثُؤَاجِهِ

لجبُ الجيوشِ إذا يمرُّ بسمعهِ
لجبُ الذِّئابِ يظنُّ في أهزاجهِ

يَقْرِي بِلَحْمِ الشُّوسِ شَاغِبَة َ الظُّبَا
وَيَزِيدُ حَرُّ الضَّرْبِ فِي إِنْضاجِهِ

ترجى منافعهُ ويحذرُ ضرّهُ
في يومِ نائلهِ ويومِ هياجهِ

كَسَدَ الْمَدِيحُ وَأَكْدَحُوا نُظَامُهُ
حَتَّى أَتَى فَأَقَامَ سُوقَ زَوَاجِهِ

با ابنَ الّذي سادَ الأنامَ ونجلَ منْ
فاقَ الملائكَ في علا أدراجهِ

إِنَّ الْمَدِيحَ إِذَا أَرَدْتُ ثَنَاءَكُمْ
تهوي النّجومُ إليَّ منْ أبراجهِ

وَإِذَا قَصَدْتُ سِوَاكُمُ فِيْهِ فَلَمْ
تَظْفَرْ يَدِي إِلاَّ بِبَيْضِ دَجَاجِهِ

أيّدتَ دينَ الحقِّ بعدَ تأوّدٍ
وَسَدَدْتَ بِالإِحْكَامِ كُلَّ فِجَاجِهِ

وَشَفَيْتَ عِلَّتَهُ بِكُتْبٍ قَدْ غَدَتْ
مِثْلَ الطَّبَائِعِ لاعْتِدَالِ مِزَاجِهِ

أسفارُ صدقٍ كلُّ خصمٍ مبطلٍ
مِنْهَا سَيَعْلَمُ كَاذِبَاتِ حِجَاجِهِ

نورٌ مبينٌ قدْ أنارَ دجى الهوى
ظلمَ الضلالة ِ في ضياءِ سراجهِ

وَغَدِيرُ خَتْمٍ بَعْدَ مَا لَعِبَتْ بِهِ
رِيحُ الشُّكُوكِ وَآضَ مِنْ لَجَّاجِهِ

أمطرتهُ بسحابة ٍ سمّيتها
خَيْرَ الْمَقَالِ وَضَاقَ فِي أَمْوَاجِهِ

وَأَبَنْتَ فِي نُكَتِ الْبيَانِ عَنِ الهُدَى
فأريتنا المطموسَ منْ منهاجهِ

وَكَذَاكَ مُنْتَخَبٌ مِنَ الْتَفْسِيرِ لَمْ
تَنْسِجْ يَدَا أَحَدٍ عَلَى مِنْسَاجِهِ

لِلأَعْرَجَيْنِ وَإِنْ بَدَتْ شُرُفَاتُهُ
لَنْ يَبْلُغَا الْمِعْشَارَ مِنْ مِعْرَاجِهِ

مَوْلاَيَ قَدْ ذَهَبَ الصِّيامُ مُوَدِّعاً
وأتاكَ شهرُ الفطرِ باستبهاجهِ

شهرٌ نوى قتلَ الصّيامِ هزبرهُ
فاغتالَمهجتهُ بمخلبِ عاجهِ

© 2024 - موقع الشعر