بيت الشعر - مانع سعيد العتيبه

على أرض بيت الشعر ناخت رواحلي
وما غاب رسم البيت عن عين راحلِ

وإني لرحال مدى العمر باحث
عن الحب إن الحب يا قوم قاتلي

وفي باب هذا البيت ألقى أحبتي
وأحكي لهم ما يفعل الحب داخلي

وأصغي إلى دقات قلب متيم
فأسمع شدوا مثل شدو البلابلِ

وأشرح همي في الغرام ومحنتي
فيعذرني حتى الذي كان عاذلي

وما الحب عندي غير تسبيح خالقي
وذكر رسول الله ذخري وكافلي

وفعل جميل يذكر القوم حسنه
وما ضاع عند الله فعل لفاعلِ

فيا آل بيت الشعر مرحى يقولها
فؤادي فتنساب انسياب الجداولِ

أعدتم إلى الصحراء غابر مجدها
وجمع بيت الشعر شمل القبائل

فشكرا من الأعماق يا ابن محمد
أسلطان يا بحرا بدون سواحلِ

منحت الإمارات الحبيبة خافقا
يذوب هوى فيها سريع التواصل

وقفت مع الباني الرئيس المفتدى
بقلب فدائي وروح مقاتلِ

وقلت له يا زايد الخير سر بنا
فما في سجل المجد دور لخاملِ

وكنت نصيرا صادق الود عاقلا
وقائدنا المصغي إلى كل عاقلِ

فما اخضرت الصحراء إلا بعدله
وما شيد البنيان إلا بعادلِ

وعيناي لا تريان أن حضارتي
تقوم على زرع لقفر وقاحلِ

وليست هي التعمير رغم جماله
كما أنها ليست بناء المعاملِ

ولكنها عدل وبئست حضارة
ترى الحق أحنى الرأس فيها لباطلِ

وقد أغمض الفاروق عينيه آمنا
ونام بعيدا عن أمان المنازلِ

لأن سلام العادلين يحيطه
بأسوار أمن مثل أسوار بابلِ

وما دام نور العدل يغمر أرضنا
فإني بصوت الحر أحدو قوافلي

وأمنح بيت الشعر هذا مهندي
وأهتف : يا دار الندى لا تجاملي

فإن نفاق الكاذبين يقودنا
لإطفاء نور العلم في ليل جاهل

على هذه الصحراء عشنا بعزة
فما أحنت الأيام رأسا لباسلِ

ولم يأخذ الحرمان منا كرامة
ولم يعتذر بالعدم جود الأوائلِ

تعلق بالصحراء شعب أحبها
وما في الصحاري أي وعد لآملِ

ولكننا الأحرار فيها جميعا
نروح ونغدو فوقها دون حائلِ

وحرية الإنسان مثل حياته
وهل لحياة المرء أي معادلِ

أدق على باب الزمان بأحرف
تضيء بنور نور المشاعلِ

ويفتح تاريخ الرمال سجله
لأشهد أمجادي وزحف جحافلي

فمن هذه الصحراء جاء محمد
ليحمل للإنسان خير الرسائلِ

وينشر دين الله في كل أرضه
فكان لهذا الدين فعل الزلازلِ

فما ظل عرش ثابت في مكانه
ولا غاب زرع عن حصاد المناجلِ

وأجدادنا كانوا جنود نبينا
وكانوا لسان الحق عند التجادلِ

وهذا كتاب الله يحمي لسانهم
من الزلل المذموم في قول قائلِ

لقد كرم الرحمن قومي عروبتي
وقرآنه العربي أسمى الدلائلِ

وليس اعتزازي بالعروبة رغبة
بإحياء عهد جاهلي وزائلِ

ولكنه فخر بفضل لأمتي
وفي نشرها الإسلام خير الفضائلِ

لئن قلت : إن العرب أفضل أمة
فما الفضل إلا بالتقى والتعاملِ

فكل عباد الله في الله إخوة
وما من فروق بينهم أو فواصلِ

تجمعهم يحلو على البر والتقى
كما في يد يحلو اجتماع الأناملِ

رسمت لكم بالحرف وجه مشاعري
ويثقل هم الحرف يا قوم كاهلي

ولا أستطيع الشرح فالشرح مرعب
فلا تزعموا أني مثير القلاقلِ

ولا تقرأوا مالم تسجله أحرفي
ولا تحصدوا قبل الأوان سنابلي

تعالوا إلى الصحراء فهي تضمنا
إلى صدرها بالحب من غير عازلِ

وفوق رمال الخير والجود والندى
تلاقوا فما نجم التلاقي بآفلِ

أعيدوا إلى الصحراء صوت غنائها
ولا تحرموها من صداح العنادل

فما ضاقت الصحراء يوما بأهلها
ولا كشرت في وجه ضيف وسائل

وكان عطاء النفط فيها هدية
من الله للشعب الصبور المناضلِ

فغطت شحوب الرمل خضرة عشبها
وحل رشاد الحكم صعب المشاكلِ

ولكنني ما زلت أشعر أنني
فقدت على الصحراء بعض تفاؤلي

فلا تغضبوا إن قلت هذا أمامكم
ولا تحسبوا قولي دعاية هازلِ

أحس بأن الجمر في القلب خامد
وأن الهوى كالنوم في عين غافلِ

فما عاد للألفاظ سحر يهزها
وما عاد فينا رغبة للتساؤلِ

لأن افتعال الحب في الشعر عاجز
عن الفعل في جيل رهيب التفاعلِ

أحبوا وقولوا لا تقولوا تصنعا
بغير الهوى كالثلج نار المغازلِ

ويا آل هذا البيت إن جاء عاشق
إلى بابكم يبكي بكاء الأراملِ

فلا تفتحوا إلا إذا كان صادقا
وسدوا أمام الزيف كل المداخلِ

فكم دمعة أخفت نقيصة كاذب
فبان أمام الناس في ثوب كاملِ

ومسك ختام القول شكرا أقولها
لسلطان راعي الفضل وابن الأفاضلِ

© 2024 - موقع الشعر