مـا عــاد للكلـمـات وهــج حــراره - مانع سعيد العتيبه

ما عاد للكلمات وهج حراره
وأحس حين أقولها بمراره

فعلام أنفخ في الرماد محاولا
أن أستمد من الرماد شراره

لكنه قدري ولست مخيرا
في ما الفؤاد أراده واختاره

في القدس أولد من جديد حاملا
للنائمين اليائسين بشاره

وأقول إن البحر نادى أهله
وعليه فليستيقظ البحاره

هذا هدير الموج شاعر ثورة
يلقي بوجه نعاسكم أشعاره

حمل البشارة من فلسطين اسمعوا
ماذا تقول سواعد وحجاره

ماذا يقول دم الشهيد لأمة
شهدت عيون نيامها أزهاره

لكنها واليأس يرخي فوقها
من عتمة الليل الشقي ستاره

عادت إلى الأحلام تجتر المنى
ودم الشهيد يضيء مثل مناره

ماذا يقول الطفل مشنوقا على
غصن من الزيتون في بياره

ما غاب عن عينيه إصرار وما
خنق الجبان بشنقه إصراره

حتى الحجارة لم تزل في جيبه
تحكي بحسم رأيه وقراره

ماذا تقول صبية شقوا لها
ثوبا فأعطاها الفداء إزاره

نادت : صلاح الدين فاشتدت بها
جدران بيت المقدس المنهاره

لكن صلاح الدين مات وماله
فينا وريث حمية وإماره

والله ما شئت استثارة نخوة
فيكم فما للميتين إثاره

لكنني وأنا أرى أملا خبا
قد عاد بشعل في السواعد ناره

أرتد عن ظلمات يأسي خارقا
بحجارة الغضب الوليد حصاره

هي ذي بداية رحلة قدسية
في لج بحر ما خشيت غماره

ويدق باب القلب صوت مكبل
في القدس مل قيوده وإساره

صوت يقول : أنا فلسطين انظروا
لدمي يشع قداسة وطهاره

حجر كريم في يدي وكرامة
ولكم تركت مقاعد النظاره

فتفرجوا يا منتمون لأمة
كانت لها في العالمين صداره

كانت إذا طمع العدو بأرضها
ثارت عليه قوية قهاره

أو صاحت امرأة تنادي منقذا
لبى بكل سيوفه البتاره

أين السيوف اليوم من معتصم
بل أين أين جيوشه الجراره

لهفي على الأقصى يصيح ولا أرى
نيران منقذه ولا أنواره

نامت عيون المؤمنين ولم ينم
وعد لهارون الرشيد بغاره

والقدس ساهرة وصوت أذانها
غضب سكوت المسلمين أثاره

الله أكبر كيف نامت أمتي
والذل ينشر في العيون غباره

أين السرايا لا تسير لمسجد
الله بارك أرضه وجواره

ومحمد في ليلة مشهورة
أسرى الإله به إليه وزاره

أيظل محتلا يئن مكبلا
والمسلمون يمينه ويساره

أين العروبة أين قائد زحفها
ضج النفير ولا أرى استنفاره

نام الخلي وظل صبري ساهرا
والليل ينشب في دمي أظفاره

ماذا يريد الصامتون وما الذي
تدعو إليه إذاعة ثرثاره

ما نفع سلم بين ذئب جائع
وخراف راع نعرف استهتاره

بالفأس ترتد الذئاب وما لدى
راعي الخراف هنا سوى قيثاره

ما كان سلم الخائفين محققا
أمنا لكم يا رافعون شعاره

وأنا أرى القضية أصبحت
في سوق أنصاف الحلول تجاره

فوق التراب دم زكي صارخ :
يا من يغطي بالسلام فراره

لن يخدع الأجيال سلم زائف
أو غيم صيف لا ترى أمطاره

هذا دم الشهداء قد روى الثرى
يا من تحاول عامدا إنكاره

وإذا تكلم في دجى ليل دم
شهد السهارى السامعون نهاره

فاسمع حديث الغاضبين ولا تكن
مثل النعامة واكتشف أغواره

هذا الفتى بحجارة من أرضه
صنع انتفاضة شعبه الجباره

فاهتزت الدنيا لصوت ندائه :
القدس دار عروبتي المختاره

وأنا هنا قررت أن أبقى فلا
تحلو الحياة لمن يضيع دياره

الأرض أرضي وهو غاز غاشم
أما الغشيم فمن يريد حواره

لا لن أحاوره بغير حجارتي
في كل حي عشت فيه وحاره

حجر معي ورصاصة معه ولن
أرضى سلام الخائفين وعاره

أنا في فلسطين انتفاضة عاشق
لترابها والعشق فعل حضاره

هذا الفتى العربي فارس أمتي
هو من أتابع معجبا أخباره

فمن الأسى واليأس أشرق بسمة
في وجه أحزان لنا هداره

ومضى بأحجار الكرامة راسما
للنصر في درب الفداء إشاره

فإذا سمعت أخي عن استشهاده
يوما وحاول ذهنك استذكاره

فاعلم بأني سوف أحيا مشعلا
في كل أبناء القبيلة ثاره

أنا لا أخاف يضيع دم الفتى
في صوت من سيقدم استنكاره

لكن أخاف على بقية موطن
من غفلة لقبيلتي غداره

فإذا قضى بطل سيولد غيره
متحديا وسيقتفي أثاره

لكن إذا ضاع الحمى من أهله
ذهبت جميع التضحيات خساره

© 2024 - موقع الشعر