وقد أغتدي للطير والطير هُجَّعٌ - ابن الرومي

وقد أغتدي للطير والطير هُجَّعٌ
ولو أوجست مغداي ما بتن هجّعا

بخلّين تمّا بي ثلاثة اخوة ٍ
جُسومُهمُ شتَّى وأرواحُهمْ معا

مطيعين أهواءً توافت على هوى ً
فلو أُرسِلتْ كالنبلِ لم تعدُ موقعا

إذا ما دعا منه خليلٌ خليله
بأفديك لبَّاه مجيباً فأسرعا

كأن له في كل عُضوٍ ومَفصِلٍ
وجارحة ٍ قلباً من الجمر أصمعا

فثاروا إلى آلاتهِمْ فتقلّدوا
خرايط حمراً تحمل السمّ منقعا

محمّلّة زاداً خفيفاً مناطُه
إلى موقف المَرْمى فأقبلْن نُزَّعا

وقد وقفوا للحائناتِ وشمَّروا
لهن إلى الأنصَاف ساقاً وأذرعا

وجدت قسى ّ القوم في الطير جدَّها
فظلت سجوداً للرماة وركّعا

مخافة َ أن يذهبن في الجوِّ ضُيَّعا
ولاحظتِ النُّوارَ وهي مريضة ٌ

طرائحَ من سُودٍ بيض نواصعٍ
تخال أديم الأرض منهن أبقعا

نؤلف منها بين شتّى وإنما
نشتَّت من ألاّفها ما تجمعا

فكم ظاعنٍ منهن مزمع رحلة ٍ
قصرنا نواه دون ما كان أزمعا

وكم قادم منهن مرتاد منزل
أناخَ به مِنَّا مُنيخٌ فجعجعا

كأن بنات الماءِ في صرح مَتْنه
تقول إذا راع الرميِّ حفيفُها:

زرابى ّ كسرى بثها في صحانه
ليحضر وفداً أو ليجمع مجمعا

تُريك ربيعاً في خريفٍ وروضة ً
على لجة ٍ: بدعاً من الأمر مبدعا

© 2024 - موقع الشعر