قالت

لـ ابراهيم ناجي، ، في غير مُحدد

قالت - ابراهيم ناجي

قالت "لميكي" سِرْ بنا
نمشي لحاجتنا الهُوَيْنى

فأطاع مسروراً كعادته
ولم يسأل لأيْنا

فيم السؤال وكل شيءٍ
طيِّبٌ من أجلها

وبنفسه حبٌّ قُصاراه
الحياةُ بظلها

ماذا تغيّر عزّة
أو ذلّة في حبها

سارت وكلُّ متاعِهِ
في أن يسير بقربها

يستاف نعلَيْها ويأبي
في الوجودِ مُنافسا

فإذا تخيّل دانياً
من ترْبِها أو لامسا

يختال مِلْءَ نُباحِهِ
زَهْواً ويخطرُ حارسا!

عجباً له ولزهوه
ما يصنع الواهي الصغيرْ؟

ما يصنع النابُ الضعيفُ
وما يُخيفُ ولا يُجيرْ؟

لكنّ "ميكي" لا يبالي
أن يموت فداءها

في وثبه هيهات يسأل
ما يكون وراءها

الأمرُ كلُّ الأمر أن
يغدو يدافع دونها

والنفس تُنكر في الضحيَّة
عقلها وجنونها

من ذلك الظلُّ الملازم
في الحياة وفي الطريقْ؟

المخلصُ الوافي إذا
عَزَّ المنادمُ والرفيقْ

من قلبُه صافٍ وديدنُه
الولاءُ المطلقُ

فكأنما فيه الولاء
سجيَّةٌ تتدفقُ

وإذا أُسِيءَ فإن أسمى
الحبّ أن يُبدي رضاءَهْ

والصفح عند ذوي القلوبِ
البيضِ من قبل الإساءَهْ

مهما نظرت له نظرت
إلى مَعِينٍ من حنان

يُفضي إليك بسره
الذَنَبُ الصغير ومقلتان!

لا بأس إنْ هند جفت
وقست أليست ربَّتَه؟

أَقْصَتْهُ ثم تلفَّت
ترجو إلَيها أوْبته

زَجَرتْه أو نهرته أو
كفَّتْ على جُرْمٍ يده

فهي التي لم تَنْسَهُ
والأكل ملءُ المائده

وهو الذي في بعدها
لم يألُها طولَ ارتقاب

يقظان ينتظر المآب
وَثَوى يُرَاقبَ خَلْف بَاب

هند التي اتَّخذته من
دون الخلائق إلْفَها

بحثت عن الإلْف الصغير
فلم تجدْه خلفها

ميكي! وما ميكي ومصرعُه
على الدنيا جديد

نفسٌ يذوب وصرخةٌ
تدوي هنالك من بعيد

وتلفَّتَت هندٌ لموضعه
تغالب وَجْدَها

لا شيءَ. قد سارت
برفقته وترجعُ وحدها

خرجت به جذلانَ يضحك
مثلما ضحك الصباح

فكأنما خرجت به
ليُلاقيَ القَدَر المُتاح

سارتْ به صبحاً وعادت
بالمواجع والدموع

يغدو الحزينُ على الأسى
وأشقُّ شَطْريْه الرجوع

© 2024 - موقع الشعر