وحيد

لـ ابراهيم ناجي، ، في غير مُحدد

وحيد - ابراهيم ناجي

إني على كاسي أُعيد السنين
وأبعثُ الماضي البعيدَ الدفينْ

وحدي وقد أقسمت لن تعرفي
وما الذي يجديك لو ترعفين

وما الذي يُجدي طعينَ الهوى
لَمْسُكِ يا هندُ جراحَ الطعينْ

أصبحت لا أدري شربت الطلى
عند بكائي أم شربت الأنين

كم أزرع السّلوانَ في خاطري
وكيف ينمو في مَحيلٍ جديبْ؟

بالخمر أسقيه وفي مسمعي
إرنان باك وتشاكي حبيب

الجامُ يبكي لوعةً ام أنا
جامي غريبٌ وفؤادي غريبْ

وا حيرتي ترى أصب الطلى
أم أنني فيه أصب النحيب

يا إلف نفسي لمي كن هاهنا
هم لإلف وسلو هناك

لم يَجْرِ همسٌ لك في خاطرٍ
إلا جرى عندي كأني صداكْ

ولم أكن أعرف لي مدمعًا
إلا الذي تذرفه مقلتاك

أصونُ حزني لك حتى اللقا
وأحبسُ الفرحَةَ حتى أراكْ

إن كنت غنيت فإني الذي
وقفت ألحاني على سرحتك

حَبَستُ هذا الصوتَ لم ينطلقْ
إلا على حزنكِ أو فرحتِكْ

خمائل الروض بأعطارها
لم تشجني إلا على نفحتك

أنكرتُها طُرّاً ولم أعترفْ
إلاّ بطيبٍ جاء من جنّتك!

وَافرَحِي اليومَ بحريَّتي
بأيِّ ليل مدلهمٍّ أطير

رُدِّي على قلبي قيودَ الأسير
وذلك الصبحَ الوضيءَ المنيرْ

كم شُعَبٍ لاحتْ فلم تختلفْ
لأيِّها نغدو وأنّى نسيرْ

بعد سِني الأنوار خلّفتِ لي
جهم المساعي وخفِيَّ المصيرْ

علمتِ حالي؟ لا وحقِّ الذي
صيَّرني أشفِق أن تعلمي

هيهات تدرين انطلاقَ الهوى
كجمرةٍ نضّاحةٍ بالدمِ

هيهات تدرين وإن خِلتِه
وثبَ الهوى الضاري وفتكَ الظمي

وصارخاً كبحتُه في فمي
وطاغياً كبّلتُه في دمي

لا أنت تدرين وما من أحدْ
بواصف حسنَكِ مهما اجتهدْ

أو بالغٍ سرَّ الذكاءِ الذي
يكادُ في لحظِكِ أن يتّقِدْ

أو مدرك عمق المعاني التي
في لمحةٍ عابرةٍ تحتشدْ

أو فاهم فن الصناع الذي
أبدع الاثنين: الحِجا والجسدْ

© 2024 - موقع الشعر