دمعة على محمود - ابراهيم ادهم الزهاوي

لمن الخطوب المزجيات ركائبا
في الكائنات مشارقاً ومغاربا

جلت فما وسع النظيم بيانها
الشافِي ولا وسع النثير الكاتبا

سبحان خالقها. اجيل مداركي
في كنه حكمته فارجع خائبا

حيران تعتور الشكوك سرائري
حتى أَؤوب إلى المهمين تائبا

ولقد خبرت الدهر حتى أنني
ألفيت فيه عجائباً وغرائبا

ألفيت فيه حوادثاً ما تنقضى
أبداً ولا تبقى لدينا صاحبا

هذا ابن بكر وهو أَوفى صاحب
حملت عليه فاورَدته معاطبا

حملته عليه فغادرته مضرجاً
بدمائه وسط السباسب سائبا

ظمآن يستسقي السحاب وإنما
شهد الحتوف فخالهن سحائبا

سلبته نيران البنادق نفسه
لكنه سلب الرماة مآربا

فمضوا وما حصلوا على آمالهم
فِي قتله ومضى سليباً سالبا

للَّه تلك النفس ما جرّت على
أَخلاقها الغر الصِباح معائبا

عاشت وماتت حرة محمودة
إني لاذكرها أسيفاً نادبا

غضبان أَكبرُ إن يريق نجيعها
الجانِي ولا يخشى عليه محاسبا

ذا سطوة ملءُ النفوس مجازياً
يجزي فيأخذ بالذنوب الكاسبا

قل للأُلى ذموا القصاص وأَرسلوا
فيمن يراه من الشتائم حاصبا

مهلاً فمن قتل البريء كأَنما
قتل الأنام أعاجماً وأعاربا

هيهات يفشو الأَمن في أَوطاننا
حتى نسير إِلى البغاة كتائبا

نقضي عليهم في أماكن بغيهم
من فر منهم أو أَقام محاربا

ما عيش زعنفة تفاقم شرهم
حتى استحر على الأنام مصائبا

فكعيشهم ألاَّ تدوم حياتهم
من حيث لم يقضوا عليهم واجبا

وأَضر من أن يعقموا أن ينسلوا
لا تنجب الظلماءُ بدراً ثاقبا

يا راحلاً أم الشآم مداوياً
جسداً أَلمّ به النوائب شاسبا

ما كنت ترحل عن ديارك ساعة
لو كنت تعلم للرحيل عواقبا

خلفت خلفك ثاكلا ما تنتهي
أشجانها ما دمت عنها غائبا

فجعت بإبراهيم أَمس فأَبصرت
فيك العزا لو كان ذلك راتبا

فجعت به غضَّ الشباب مهذباً
فطناً على طرق المعالي دائبا

غمرته في النهر المياه وإنما
غمرت خلائق حرة ومواهبا

مالت بهن النائبات طوالعاً
فغدون في لجج المياه غواريا

حملت رثاءَكه إِليَّ جماعة
فوجدته ينعي إلينا الكاتبا

ورأَيت أَشباح الحتوف مواثلاً
بين السطور فكدت أَشرق ناحبا

أَفكنت تقصد ذاك أم الهمته
فأَتى ولم تقصده رأياً صائبا

يا أُم (محمود) غَزاءَك فالشجى
ما إِن يرد على الشجي الذاهبا

ضحك الدنا كبكائها ولو أننا
رحنا نعدد للحياة مراتبا

الآن ثاب إِلى فؤادي رشده
من بعد ما نَكَّبْتُ عنه جانبا

فغدوت لا تسلى اللذائذ مهجتي
ما دمت أعلمهن فجراً كاذبا

عُمْرٌ يمرُّ طويله وقصيره
يَسعَانِ أرواح الأنام متاعبا

© 2024 - موقع الشعر