أَرِقـتُ وَلَـم آرَق لِسَقـمٍ أَصابَنـي - عمر بن أبي ربيعة

أَرِقتُ وَلَم آرَق لِسَقمٍ أَصابَني
أُراقِبُ لَيلاً ما يَزولُ طَويلا

إِذا خَفَقَت مِنهُ نُجومٌ فَحَلَّقَت
تَبَيَّنتُ مِن تالي النُجومِ رَعيلا

فَلَمّا مَضَت مِن أَوَّلِ اللَيلِ هَجعَةٌ
وَأَيقَنتُ مِن حَسِّ العُيونِ غُفولا

دَخَلتُ عَلى خَوفٍ فَأَرَّقتُ كاعِباً
هَضيمَ الحَشا رَيّا العِظامِ كَسولا

فَهَبَّت تُطيعُ الصَوتَ نَشوى مِنَ الكَرى
كَمُغتَبِقِ الراحِ المُدامِ شَمولا

فَعَضَّت عَلى الإِبهامِ مِنها مَخافَةً
عَلَيَّ وَقالَت قَد عَجِلتَ دُخولا

فَهَلّا إِذا اِستَيقَنتَ أَنَّكَ داخِلٌ
دَسَستَ إِلَينا في الخَلاءِ رَسولا

فَنَقصُرَ عَنّا عَينَ مَن هُوَ كاشِحٌ
وَتَأتي وَلا نَخشى عَلَيكَ دَليلا

فَقُلتُ دَعاني حُبُّكُم فَأَجَبتُهُ
إِلَيكِ فَقالَت بَل خُلِقتَ عَجولا

فَلَمّا أَفَضنا في الهَوى نَستَبِثُّهُ
وَعادَ لَنا صَعبُ الحَديثِ ذَلَولا

شَكَوتُ إِلَيها الحُبَّ أُعلِنُ بَعضَهُ
وَأَخفَيتُ مِنهُ في الفُؤادِ غَليلا

فَقُلتُ صِلي مَن قَد أَسَرتِ فُؤادَهُ
وَعادَ لَهُ فيكِ النَصوحُ عَذولا

فَصَدَّت وَقالَت ما تَزالُ مُتَيَّماً
بِنَجدٍ وَإِن كُنتُ الصَحيحَ قَتيلا

صُدودَ شَموسٍ ثُمَّ لانَت وَقَرَّبَت
إِلَيَّ وَقالَت لي سَأَلتَ قَليلا

قَدَرتَ عَلى ما عِندَنا مِن مَوَدَّةٍ
وَدائِمِ وَصلٍ إِن وَجَدتَ وُصولا

لَقَد حَلِيَتكَ العَينُ أَوَّلَ نَظرَةٍ
وَأُعطيتَ مِنّي يا اِبنَ عَمِّ قَبولا

فَأَصبَحتَ هَمّاً لِلفُؤادِ وَمُنيَةً
وَظِلّاً مِنَ النُعمى عَلَيَّ ظَليلا

أَميراً عَلى ما شِئتَ مِنّي مُسَلَّطاً
فَسَل فَلَكَ الرَحمَنُ يَمنَحُ سولا

فَقُلتُ لَها يا سُكنَ إِنّي لَسائِلٌ
سُؤالَ كَريمٍ ما سَأَلتُ جَميلا

سَأَلتُ بِأَن تَعصي بِنا قَولَ كاشِحٍ
وَإِن كانَ ذا قُربي لَكُم وَدَخيلا

وَأَن لا تَزالَ النَفسُ مِنكِ مَضيقَةً
عَلَيَّ وَتُبدي إِن هَلَكتُ عَويلا

وَإِن تُكرِمي يَوماً إِذا ما أَتاكُمُ
رَسولاً لِشَجوٍ مُقصِراً وَمُطيلا

وَأَن تَحفَظي بِالغَيبِ سِرّي وَتَمنَحي
جَليسَكِ طَرفاً في المَلامِ كَليلا

© 2024 - موقع الشعر