معلومات عامة
تمت الإضافة
الدولة
السعودية
الموسوعة إضغط هنا
المعلومات المتوفرة عن الشاعر

يمثل " بديوي الوقداني " ظاهرة بالغة الخصوصية في الشعر النبطي من خلال جمعـه لموهبــة النظم الفصيح والعامي ، والمزج بين بداوة ظاهرة وحضارة لا يمكن نفيها كمـا أن أسلوبـه متأرجح من حيث القوة والضعف ولكنه في أضعف قصائده وخاصة الفصيحة منها يشف عن موهبة شعرية لا غبار عليها إضافة إلى تنوع أغراضه الشعرية فما هو متوفر لدينا قصائد في أغراض : " المدح – الهجاء – الحكمـة – الغـزل – الفكاهة – الوصف " الأمر الذي يشي بتجربة شعرية متكاملة .

ومن خلال السطور القادمة سنحاول استقراء هذا الشاعر من خلال حروفه :

نبدأ أولاً مع نص نادر عن بديوي جاء في كتاب " نزهة الفكر فيما مضى من الحوادث والعبر " لأحمد الحضراوي الهـاشمي الذي التقى ببديوي وكتب عنه: 

" بديوي بن جبران بن جبر بن هنيدي بن جبـر بن صـالح بن محمد بن مسفر الوقداني السعدي – نسبة إلى بني سعـد – العتيبي ، وعتيبـة بطن من هوزان قبيلة مشهورة . 

نزيل الطائف المأنوس ، ولد بوادي النمـل وهو محـل على فرسخ من الطائف سنة 1244هـ ( 1829م ) وتربى به ثم سكن الطائف لتحصيل العلم والمعاش ، وكانت له قريحة بالعربية ثم نظـم القريـض ولقّب بـ (شـاعر الحجاز ) ، فهــو شاعـر لطيف ومغـوار غطريف . تخضع لشعره بلابل الأغصان وتنصت لغزله مسامع كل إنسان . 

اجتمعت بحضـرته بالطائف المأنوس سنة 1287هـ وقبل هذه السنة لنا معه اجتماع كثير ومحاضرات لطيفة . 

وأورد الحضـراوي في كتـابه مقطعين لبديوي من الشعر الفصيح الأول سبعة أبيات من قصيدة مطلعها : 

           سواجـــــع الشــوق باتت في أغانيها 

                               تتلو فنون الهــــــوى والوجد يمليها 

والثاني خمسة أبيات من قصيدة مطلعها : 

           مـــــا يعطي الله إلاّ المستحقّينـــــــا 

                               سبحــــان مـــن سبقت أحكامه فينا

أوردت مصادر أخرى أن وفـاة " بديوي الوقداني " وقعت بالطائف سنة 1296هـ ( 1853م ) ،وهو تاريخ يتوافق مع حياة ممدوحيه الشريف عبدالله بن محمد المتوفي سنة 1294هـ وابنـه الشريف الحسين بن عبدالله المقتول سنة 1297هـ ، وبهذا يكون بديوي قـد توفي وهو في الثانية والخمسين من عمره . 

ولو تحسسنا شعر " بديوي " في المــراجع فلن نجد بغيتنا وافية إلا عند " محمد سعيد كمال " صاحب " الأزهار النادية من أشعار البادية " الذي ابتدأ الجزء الأول من كتابه المؤلف من " 18 " جـزءً بأشعار بديوي التي جاءت في سبعين صفحة منه . 

وعنه يقول "كمال" : ( بديوي الوقداني من قبيلة وقدان التي تسكن ضاحية " نخب " بالطائف خرج هذا الشاعر في عصره حاملاً لواء الشعر . إذا غرد أسكت البلابل ، وإذا أطرب المحافل فارس الميــدانين : القريض والحميني ( الفصيح والنبطي ) مدح وجهاء عصره ونال جــوائزهم ، وبز أقرانه فلم يلحق له غبار . كان في بدء أمره مشهوراً بنظم " الحميني " ثم قرأ قليلاً من النحو والأدب فنظم القريض وأجاد فيه ) . 

و "وقدان " جزء من بني سعد أظئار الرسـول e من قبيلة " عتيبة " وقد أكد "بديوي " نسبه إليها أكثر من مرة في شهره حيث يقول :

           دللّت بالروح لين ارخصـت جانبها 

                               وأنا عتيبي عــــريب الــجد والخالي 

وهذا بين من أشهر قصائده في الشعر النبطي ومنها هذه الأبيات :

           أيــــامنا والليالي كــــم نعــــاتبها 

                               شبنا وشابت وعفنـــا بعض الأحوالي 

           تاعد مواعيد والجــــاهل مكـــذّبها 

                               واللي عرف حـــدّها مـن همّها سالي 

           إن أقبلت يــــوم ما تصفي مشاربها 

                               تقفي وتقبل ومــادامت على حـــالي 

ويتضح من شعره أنه كان مستقراً في قريته ولم يعتد حياة البادية إذ نقرأ له قصيدة يحذر ولده " عبدالعزيز " من الميل إلى البدو . 

ولا نعرف من أسرته سوى ولده " عبدالعزيز " الذي يتكــرر اسمه في كثير من القصائد وشخص يدعى " عبدالله " يصفــه بديوي بـ " سلاحي " وأقرب الظن أنه شقيقه وآخر يدعى " أبو حسن " يخــاطبه مشتكياً إليه من " خذلان " جماعته له فيقول : 

           يا بو حســـــن ودّي بـــلاما عزايه 

                               وإن كــــان فيهم خلّةٍ تحت الأستار 

           أصبّهـــــم بالذوق لكـــــن خــفايه 

                               والحـــــرّ ما يصـبر على الكيّ بالنار 

           عبـــــدالعزيز اقفى وخيّب رجــايه 

                               وانتــــه وعبـــدالله سلاحي بعد بار 

ويوضح " محمد كمال " ان أول قصـائد بديوي الفصيحـة كـانت مدح الوزير محمد رشدي باشا الشرواني وأولها : 



           أبـــــرقُ لاح أم قمـــــــرٌ منيـــــرٌ 

                               ومســــــكٌ فـــــاح أم نــــدٌّ عبيرُ ؟ 

           ســــرت جنـــح الظلام فقلت بدراً 

                               يكـــــــاد بنـــــوره الســـاري يسيرُ 

وفي قصيدة ردئية الحبك استحوذ الغزل عليها ، ولم يتخلص للمدح سوى في آخر بيتين منهـا كمـا أن لبديوي قصيـدة فصحية غاية في ضعف اللغة ورداءة الأسلوب لا يكاد قارئها يكتشف أنهـا فصيحـة وليست عامية إلا بعد تمعن وتساهل منه في شروط الفصحى ومطلعها : 

           مرّ باشا الغيـــــد في زيـــن اللبوس 

                               فيه من فرط المحاسن حسن "يوس"‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍! 

           بـــدر تــــمٍّ نــوره يجلي الدجــــا 

                               حين يبدي تختفي منـــه الشمـــوس 

           لاح منــه طلعـــــة وقـــت الضحى 

                               في بروج السعــــد لا بـــرج النحوس 

ورغم ذلك فإن لبديوي قصيدة فصيحة جيدة في رثاء الشريف عبدالله بن محمد المتوفي سنة 1294هـ مطلعها : 

           الملـــــك لله والدنيــــا مـــــداولةٌ 

                               ومــــا لحيٍّ على الأيـــــام تخليـــد 

ومن أبياتها الجميلة قوله في " ذم الدنيا " :

           إن سالمت غـدرت أو وهبت رجعت 

                               ظلاّ يــزول ومـــــا تعطيـــــه مردود 

كما أن لبديوي بيتين جميلين ارتجلهمـا عندما سقط خاتم الشريف عبدالله بن محمد وانفلق " فصّه " فقال :

           لا تخش يا بن رسول الله من حجرٍ 

                               رأي المكــــارم في كفيّــــك فانفجروا 

           وافاك سعـــدك إذا وافي السعود وقد 

                               أعطاك ربك حظاً يفلــــق الحجـــرا 

ومن الواضح أن " بديوي " يرتكز حتى في قصيده النبطي عللا مرجعية ثقافية فصيحة لا بأس بها ، ومن ذلك قوله : 

كما أن المتتبع للغته يجد كماً كبيراً من المفردات الفصيحة بالإضافة إلى التركيبات الفصيحة للجمل كما أنه يعرف شيئاً من التركية كقوله : 

           فضــــّه ملبّس قيمته " يوزسيكس " 

                               ولو كان " بكّى يوز " ما هوب غالي 

والكلمة الأولى " مائة وثمانية " والثانية " مائتين " و أو قوله : (خدامكم ما عاد يمكلك ولا " بير " ) وبير تعني واحد بالتركية .

وثقافة بديوي الجغرافية كبيرة ، وهي أما لسفره وهو ما لا نستطيع الجزم به أو لتردد أبنــاء الأقاليم الإسلامية على الحجاز حيث يقيم ، فهو كثيراً ما يردد أسماء المدن في شعره ومنها ما هو بعيد للغاية مثل " بومبي واسطمبول والإسكندرية " .
© 2024 - موقع الشعر