حداء المسافر

لـ ماجد الراوي، ، في غير مُحدد، 331، آخر تحديث

حداء المسافر - ماجد الراوي

.
من قصيدة - حداء المسافر
.
أراني أسافر عبر المدى --- وأحدو وأترك بعدي الصدى
إلى أين إني نسيت الجهات --- أسير لألمح ضوء الهدى
أسير وإن شعوري أسير --- لكل شروق وطير شدا
أجوب البلاد بسعي حثيث --- وحين انتهيت مسيري بدا
.
***********
.
بنى لي خيالي على الشط بيتا -فسيح النواحي كثير النخيل
تمر الجداول من حائطيه --- فأغسل وجهي بذا السلسبيل
تبادلني الود خود لعوب ---- على زهر مرج وظل ظليل
ولكن صحوت وإذ ذاك حلم --- تبقى ببالي منه القليل
.
***************
.
لماذا أجول لأني طموح --- إذا ماوقفت سأحيا ذليل
ويصبح وجهي كصخر قديم --- وتهجرني عترتي والخليل
كذلك تركد بعض السواقي --- فتأسن بعد وقوف قليل
وتجري فتنمو عليها الزهور --- وتسمع للدر فيها صليل
.
***************
*
.
قطعت الطريق الذي قد تلوى- كأفعي تغلغل بين الشعاب
وبعد قليل بدت لي بيوت --- تخبي الرؤوس بثوب الضباب
فأسندت رأسي إلى الصخرحتى رأيت ازرقاق السماكالعباب
وراح النسيم يغني لروحي --- فعاد إليها بريق الشباب
.
***************
. .
وقفت غريبا بسفح بعيد --- أمتع قلبي بلون الغروب
فصارت قوافل حلمي ركابا --- تحب اجتياز بعيد الدروب
فكللها التبر لونا عجيبا --- أراه أمامي ببطء يذوب
وصارت عرائس فكري وفودا --- تمنع ركبانها أن تؤوب
.
***************
.
وأضحت طيورا بجنب الغدير --- تكسر أقفاصها إذ تطير
يصاحب أرياشها كل لون --- يطرز بالحسن برد الأمير
تطير بعيدا إلى حيث تلقى --- حزام الفضا حولها مستدير
فبينا تحلق روحي صحوت --- وأبصرت نفسي فوق الحصير
.
***************
.
وقفت بعيدا بسفح الرعاة --- فأطربني الناي وسط القطيع
وألحان ماء من الصخر يجري --- فيغسل وجه بساط الربيع
فغنيت أجمل لحن بدالي --- فقام وردد بعدي الجميع
وودعت تلك الروابي وإني --- أروم الوداع ولا أستطيع
.
**************
وضعت كتابي بريش الحمام --- وأطلقته لهبوب الرياح
فودعني ذلك الطير همسا --- ومد الجناح بعيدا وراح
وغام الزمان فأغفيت ليلا --- وما أيقظ الجفن همس الصباح
وظل فؤادي يبغي جوابا --- فلا الرد بان ولا الطير لاح
.
 
**********
.
ألا ياخيام الصحارى أجيبي --- لماذا خلوت من الراحلين ؟
مررت عليك وصوت الرياح --- له بضلوعك أشجى حنين
فلاتحسبي أن عزمي حديد --- وأن فؤادي حصن حصين
فماأنا إلا كرسم قديم --- يزيد اكتئابا بمر السنين
-----------------------
 
ألا كم مشيت بعقلي وروحي --- ولكنني ثابت في المكان
وقابلت أوجه حسن ستبقى --- ببالي رغم مرور الزمان
وعمرت دارا ودارا بشعري --- وداري حائطها الخافقان
وإني كأجدادي السالفين --- أسافر ماسافر النيران
--------------------------------------------
 
حداء المسافر زاد السفر --- ومؤنسه في الليالي القمر
إذا سار عند الثنايا تغنى --- بشعر الذين أحبوا السمر
يفر من المدن السابحات --- ببحر العذاب وموج الكدر
ألالا تلمني لذاك الرحيل --- كذلك عاشت قديما مضر
---------------------------------------------------------
أنا الراحل الطلق أمضي بعيدا --- ولي كل حر وقر مسير
أسير على الرمل والشوك حينا --- وغيري ينام بأحلى سرير
أسير لأني تمنيت يوما --- جناحا به في الأعالي أطير
ولكن أماني لاقت صخورا --- فجبت المدى بجناح كسير
---------------------------------------------------------
أسائل نفسي لماذا أطوف؟ ---- أطوف لأني كرهت الوقوف
أطوف لأني أصيد الخيال ---- وأنسجه بردة من حروف
قصيدي روض الخزامى بقفر ---- عليه طيور المعاني رفوف
ولكنني وقف الحظ ضدي ---- وغيري قد ساعدته الظروف
 
---------------------------------------------
 
ألالاتلمني لذاك الرحيل --- فإني أجوب بحور الخليل
أرى الشعر مأوى الكئيب المعنى --- أرى الشعر يشفي سقام العليل
أرى فيه كل هلال ونجم ---- وأفق زها بشموس الأصيل
أرى الشعر ومضا يسر اللبيب ---- وكم قد كفى عن كثير قليل
--------------------------------------------------------
.
ماجد الراوي من قصيدة ( حداء المسافر ) في ديوان ( حداء المسافر )
© 2024 - موقع الشعر