إغفاءة . فصيح - عبدالرحمن آل عباط الزهراني

سارت فما بَرِحَت عيني تُراعيها
        حتى إذا وجدت ما كان يُبكيها

فاستعبرَت وبكت حُزناً تودعُني
   واستعرَضت وشكت حظاً سَيُقصيها

هل كان فرّقنا خيرٌ فنعلُمُهُ
       أم شرّ نازلةٍ ألقَت مراسيها

لا تحزني إنّا حتى و إن بَعُدت
      يوماً منازلُنا فالحبّ يدنيها

قالت : فلا أمدٌ يُطفي مودّتنا
    و البُعد يُشعِلها و الشوقُ يُذكيها

نارٌ بلا حطبٍ شبّت بأضلِعِنا
     لا ضيرَ إن فنِيَت أرواحنا فيها

يا خيرَ من وقَفَت عصراً تحدّثُني
     إن كنتِ آخذةً روحي فَراعيها

قالت : سأُردِفُها روحاً تؤنّسُها
     في داخلي حَرَزاً مما سيؤذيها

حتى إنِ اشتكتا مما أصابهُما
     كنتُ التي زرَعَتْ شوكاً و تسقيها

أرضى بما فعَلَت كفّي و أدفعُها
       للموتِ راغبةً عمّا سَيكْسيها 

ما كنتُ خائنةً حُباً تملّكَني
      (و اللهِ ما هدمَ الأسوارَ بانيها)

و استأخرَت جزعاً مما ألمّ بها
      في لحظةٍ قتَلَت كُبرى أمانيها

تمشي على عجلٍ حيناً و من خجلٍ
       و القلبُ في وجلٍ مما يلا قيها

حتى إذا بَلَغَت " تلاًّ " فذكّرَها
        أني بجانبهِ قد كنتُ أمْليها"

عهداً لتكتبهُ " ألاّ فراق لنا
      إلاّ إذا قبضَ الأرواحَ باريها

فاستعطفتهُ بما في الجيدِ من خرزٍ
       ترمي لهُ أثراً إذ ما يُحاكيها

يا ليتها رحلتْ عني بلا أثرٍ
      لا عِقدَ يُلهيني عنها و يُلهيها

فالقلبُ منزلُها و الحبّ منهلُها
 و القربُ يشغلُها و الشوق داعيها

أصحو على حُلُمٍ قد كان يجمعُنا
     في ليلة ٍ أمِنَ الواشينَ ساريها

تدنو كما دنتِ الأقمارُ في سُحُبٍ
    خجلى و قد تركَت ما كان يعنيها

لا ترتضي بدلاً عن موعدٍ قَطَعَت
      فالناسُ تمنعثها و الحبّ يُغريها

حتى إذا جلَسَت مني بِمُقرَبَة ٍ
    و استأمَنَت أخذت شيئا ً يسلّيها

كلا يعُمّ لها طرفٌ يشبّهُني
        بالغيرِ إن وجدت يوماً فيُغنيها

ألهو بِمِعصَمها حيناً فتمنعُني
         " رفقاً فإنّ لنا حُرُماً نراعيها"

لا والذي خلقَ الإنسان من علقٍ
             إني لَأكرِمُها عماّ يُدنّيها

إغفاءةٌ سلَبَت مني كرامتها
        لا عادَ أوّلها إن عاد ثانيها !

© 2024 - موقع الشعر