حيرة شاعر

لـ ماجد الراوي، ، في غير مُحدد، 853

حيرة شاعر - ماجد الراوي

كَمْ قَدْ وَلِعْتُ بِشُهْرَةٍ وبَريْقِ
وحَسِبْتُ أنَّ المَجْدَ بالتَّصْفيقِ

وظَنَنْتُ أنَّ الكَوْنَ دَوْحَةُ شاعِرٍ
يَحْيا بِمِزْمارٍ ونَفْخَةِ بُوقِ

وتَبِعتُ أفْذاذَ القَريضِ ولمْ أزَلْ
أسْمُو لَهُمْ في مَوْطِنِ التَّحْليْقِ

حتّى عَرَفتُ بأنَّهُمْ قدُ خُيِّبُوا
فالشِّعْرُ أكْسَدُ سِلْعَةٍ في السُّوقِ

وبَدا لِفِكْري أنَّ بالفَهْمِ العُلا
والفِكْرُ خَيْرُ وسِيْلةٍ لِشُرُوقي

ولِذاكَ أخْلَقْتُ الطُّرُوسَ تَصَفُّحاً
حِيناً وإلْماماً وبالتَّدْقيْقِ

وإذا بميزانِ الثَّقافَةِ خاسِرٌ
مِنْ حالِهِ دَمْعي يجُفُّ ورِيْقي

غَرِقَ الرَّعاعُ بِجَهلِهِمْ فَتَبَسَّمُوا
وهَمَتْ دُمُوعُ العالِمِ الإغْريْقي

وجَنى السَّعادَةَ في البَسيْطَةِ جاهِلٌ
يبدو له الكركيّ كالبِطْريقِ

قُلتُ الحياةُ حَديقَةٌ يبدُو بها
ثَمَرٌ يَرُوقُ بِبَهْجَةٍ وبَريقِ

فاقْطُفْ ثِماراً كالكواكِبِ عُلِّقَتْ
واتْرُكْ سَبيلَ البائِسِ المَسْحُوقِ

إجْلُبْ لِثَغرِكَ ما يُحِبُّ ويَشتَهي
أمْسى غِذاءَ الرُّوحِ مَبْعَثَ ضيْقِ

ومَدَدْتُ كفَّي كي أنالَ جَنِيَّها
وأقُولُ يا نَفْسي لَذيذاً ذُوقي

وإذا بِطيفٍ قبلَ كفِّي يرْتَقي
يَجْني الثِّمارَ بِزَفْرةٍ وشَهيْقِ

فيلٌ يَمُدُّ بِخِفَّةٍ خُرْطُومَهُ
يَجْني بهِ يَبَساً وكُلَّ وَرِيْقِ

وذهبتُ أسْعى للتِّجارَةِ علَّني
أُمْسي بِجَمْعِ المالِ رَبَّ السُّوقِ

وجَلَستُ بينَ التاجِرِيْنَ وبَعْضُهُمْ
مُتَمَلِّقٌ يَبْدُو بِثَوْبِ صَدُوقِ

أمْسى يُثَرْثِرُ للوَرى مُتَلَوِّناً
ويُجابُ بالإعْجابِ والتَّصْديقِ

وبضاعتي كسدت فإني صادق
سهلٌ على أمثالهم تطويقي

قالُوا الحُظُوظُ حِكايَةٌ مَصْنُوعَةٌ
والفِعْلُ للأعْمالِ بالتَّحْقيقِ

لكِنَّني لمْ أسْتَطِعْ يا صاحِبي
في الشُّوكِ وَسْطَ الرِّيحِ جَمْعَ دقِيْقي

لَمّا رأيْتُ الكَوْنَ سِجناً مُظلِماً
أعْيا عليَّ مَذاهِبي في الضِّيقِ

يَمَّمْتُ دَرباً في الجِبالِ ولمْ أزَلْ
أَسْجُو بِتَفكيْرٍ يَطُولُ عَميْقِ

ونَظَرْتُ في الآفاقِ نَظْرةَ حائِرٍ
يَرجُو البَيانَ بِكَثرَةِ التَّحْديْقِ

فَبَدَتْ لِقَلْبيْ في السَّماءِ إضاءةٌ
قالَتْ طَريْقُ اللّهِ خَيْرُ طَريْقِ

© 2024 - موقع الشعر