اعترافات - محمود محمد الشلبي

سلبوك الوجه وناموا
 
" لا نامت عين الجبناء "
 
وعلى درب النفي – الغربة، شقوا النعش المحمول ،
 
اقتسموا الجسد الطاهر في ترنيمة رقص بلهاء .
 
الرقص ابتدأ الآن ، أبتدأ الآن ،
 
الرقص ابتدأ الآن .
 
من فوهة بارودتنا ترسم خارطة .
 
وعلى الكعب ، على الكعب دماء .
 
وملامحنا تبقى كالأنهار المحفورة في وجدان الأرض ،
 
كالشجر الضارب في الأعماق ،
 
حتى تتحول يا وطني ،
 
قرآنا عربيا ،
 
نرفعه فوق الموت ، وفوق الحرب ، وفوق السلم ،
 
وفوق الحب ، وفوق الكره ،
 
وفوق الأشياء ، جميع الأشياء .
 
حتى يبقى الوطن العربي ربيعاً للفقراء .
 
***
 
الرقص ابتدأ الآن، ابتدأ الان ،
 
الرقص ابتدأ الآن .
 
الرقص – القتل .
 
الرقص الموت يدق الجسد الممدود على طول الوطن العربي –
 
يبقى قرع الأكؤس يملأ كل مسامعهم .
 
لكن لا يسمع من صار جمادا ، وتدثر بالجبة زورا ،
 
من يتزيا بالوطنية جورا ،
 
ويمارس في الحلبة ، فن السحر ، وفن الرقص ،
 
ويلبس جلد الحرباء .
 
لكن ، لا يشعر من صار جمادا ،
 
لا يشرب من ظن الآل الخداع على وجه القفرة ماء .
 
حاذر أن تسقط ، فالساقط في الدوامة
 
يصبح طعماً للحوت ،
 
وينفخه الماء .
 
والناهض رغم دماء الغدر تسيح على جبهته ،
 
فخريطته يرسمها دمه ،
 
فوق شبا حربته .
 
***
 
حاذر أن تسقط ..
 
فالوطن العربي يصيح ، وتركله الأقدام الهمجية
 
كرة من مطاط .
 
يرسم شارات فوق دفاترنا ،
 
تحمله الأوراق الممهورة بالخزي وبالعار ،
 
لتكشف سوأتهم ،
 
والأطفال الرضع ، تتدلى منهم أعناق ، أحداق
 
أكبر من حجم الإنسان العربي المسخ .
 
فيا للعار .
 
ويا للعا ر.
 
ويا للعار .
 
نرفض أن يذبح شعب ... ويظل الجبناء .
 
أن يشرى وطن .. ويعيش الندماء .
 
نرفض ، نرفض أن يسقط في الساح ،
 
رجال ورجال ..
 
ويلوذ الأفاكون بثوب العظماء .
 
هذا الموت المجاني يقرب للجلادين السوط ، الرأس ،
 
يدق الأعناق ،
 
على مائدة التوفيق ، التفريق ،
 
" فلا فرق " ويشرب بالكأس الفضية نخب الشهداء .
 
يا فقراء الأرض المحرومين ،
 
ويا أطفال بلادي المنسيين .
 
***
 
يا أحبابا باعوا أنفسهم ، ليعيش سواهم ،
 
من غيركم يطلق في بطن الأرض ،
 
وفي أذن الجوزاء ،
 
بذار الموت ، العشق ، الرفض ، البركان ....
 
من غيركم يحمل بيرقنا ...
 
وينادي في كل بقاع الدنيا ويقول :
 
النصر ... النصر لجيش الفقراء .
 
 
 
***
 
ها بيروت أزيحت أستار عنها ،
 
فانتفضت من ظلم تصرخ ،
 
عند البحر وفي ( ساح الشهداء )
 
يا ويلكم ....
 
الأرض تنوح على فتيتها ،
 
والجلادون يحزون الرؤوس ،
 
ويقتاتون الأطفال ، ويسبون النسوة ،
 
والشجر البريء .. الإنسان
 
ينوح على عهد النور ، وعهد الماء .
 
من غيركم يمسح آلام الدرب ،
 
ويعلن للأعناق الممدودة ،
 
للأجساد المفؤودة ليل الإخلاء .
 
من غيركم يرفع صوتاً ،
 
وينادي في كل بقاع الدنيا ، ويقول :
 
النصر ... النصر ،
 
لطائفة المنفيين الغرباء .
 
***
 
فانتفضي يا بارودة إنسان .
 
سلموا من هامات بنية الأحداق ،
 
انتفضي ..
 
خلوا حاكورته المفلوحة بالساعد والساعد ،
 
مزرعة للألغام ،
 
كهوفا للفتك الغجري ،
 
على أنغام الأبواق .. انتفضي .
 
يا سلسلة في حارتنا ،
 
يا كوكبة من فرسان مدينتنا .
 
انتفضي ، انتفضي .
 
فالنائم ميت .
 
انتفضي للأفواه المكبوتة صوت .
 
انتفضي حتى تتعانق فيك حبيبات الرمل ،
 
وموجات البحر ، انتفضي .
 
حتى تطلع سوسنة قي خاصرتي .
 
وتمر حمامة نوح من نافذتي .
 
حتى نعلن للملأ الأعلى :
 
" أن العالم يغدو – أحياناً – أضيق من سم خياط " .
 
وإن دماءك فوق رؤوس الجلادين سياط .
 
فانتفضي ،
 
لا شيء سيحجب مد الصوت ...
 
أو يخنق في ذاكرة الأشياء ، الوجع الإنساني ،
 
حرارة نبض الوقت ،
 
فانتفضي ،
 
يا أيتها الدنيا ،
 
انتفضي .. انتفضي .
© 2024 - موقع الشعر